قال نائب مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية "سي آي إيه" السابق مايكل موريل، إن تسريبات متعهد وكالة الأمن القومي إدوارد سنودين، قد علمت المتشددين من أمثال تنظيم الدولة طرق تجنب الرقابة الإلكترونية.

ويقول شين هاريس في تقرير نشره موقع "ديلي بيست"، إن موريل كان واحدا من أهم مسؤولي الاستخبارات الأمريكيين عندما بدأ سنودين بالكشف عن معلومات عالية السرية، وتسريبها للصحافيين عام 2013.

ويشير التقرير إلى أن مسؤولي الاستخبارات الأمريكية وجدوا أن تسريبات سنودين قد قدمت رؤية لا تقدر بثمن للجماعات الإرهابية، وللدول التي تعادي الولايات المتحدة، وبينها روسيا والصين. فقد قدم سنودين لهم طريقة لمراقبة الاتصال حول العالم.

ويوضح الموقع أن اعترافات موريل وردت في كتابه الجديد، الذي سيصدر الأسبوع المقبل تحت عنوان "الحرب العظمى لزمننا"، وفيه يتهم موريل سنودين ويحمله مسؤولية توسع تنظيم الدولة، الذي انشق عن تنظيم القاعدة، وغزا مناطق شاسعة من سوريا والعراق.

ويكتب موريل: "بعد أسابيع من التسريبات، بدأت الجماعات الإرهابية حول العالم بتعديل تحركاتها في ضوء ما كشف عنه سنودين، وقد توقفت الاتصالات، وتغيرت الأساليب"، وفق التقرير.

ويلفت التقرير إلى أن من بين التسريبات التي أضرت بالأمن القومي، كما يقول موريل، كان تسريب برنامج يجمع رسائل الأجانب الإلكترونية وتحركاتهم في الأجهزة داخل الولايات المتحدة.

ويبين الكاتب أنه منذ تلك الفترة حولت التنظيمات الإرهابية، وبينها تنظيم الدولة، اتصالاتها إلى منابر أكثر "سلامة"، وتستخدم التشفير، وتتجنب الاتصالات الإلكترونية بشكل عام.

ويكتب موريل: "كان تنظيم الدولة واحدا من التنظيمات الإرهابية التي تعلمت من سنودين. ومن الواضح أن تسريباته أدت دورا في ظهوره".

ويرى هاريس أن هذا الرأي لا يجمع عليه رجال المجتمع الاستخباراتي في الولايات المتحدة، حيث يختلف خبراء الأمن حول ما تعلمه تنظيم الدولة من سنودين وتسريباته، التي لم يكن يعلم عنها الكثير، فلم يبدأ التنظيم بالسيطرة على مناطق في العراق إلا بعد عام من التسريبات.

ويورد التقرير أنه في العام الماضي قال مسؤول أمني لديه معلومات عن تنظيم الدولة وأساليبه الحالية لموقع "ديلي بيست" إنه "في الوقت الذي تعلم التنظيم الكثير من تسريبات سنودين، إلا أن الكثير من قواته تعرف أساليب الأمريكيين عندما كانوا في العراق، حيث تكيّف تنظيم القاعدة مع طرق المراقبة، وتجنب الاكتشاف".

ويشير الكاتب إلى أن تنظيم القاعدة في العراق كان محل حملة مراقبة وقرصنة كبيرة من وكالة الأمن القومي الأمريكية والجيش الأمريكي في العراق، وذلك في الفترة ما بين 2007 – 2008. وتم استهداف هواتف المقاتلين النقالة.

ويرجح الموقع أن يكون تنظيم الدولة قد تعلم من تنظيم القاعدة في العراق، قبل فترة طويلة من تسريبات سنودين. فقد كان الجهاديون يعرفون أنهم مراقبون، وأن عليهم الحذر عندما يستخدمون الهواتف والإنترنت.

ويستدرك التقرير بأنه بالرغم من ذلك لا ينفي المسؤولون الأمريكيون تعلم الجهاديين من سنودين. فبحسب مسؤولين سابقين وحاليين، فقد أفهمت تسريبات سنودين بعض قادة الإرهابيين أن اتصالاتهم مراقبة، على الأقل كجزء من برنامج يرصد حركة الرسائل الإلكترونية داخل الولايات المتحدة.

ويبين هاريس أن أول ما كشف عنه سنودين هو البرنامج الذي تم العمل فيه بموجب البند 702 من قانون الرقابة الاستخباراتية الأجنبية، ولكن الولايات المتحدة كان لديها المبرر القانوني لجمع الرسائل الإلكترونية، وهو ما كان معروفا.

ويجد الموقع أن الخطورة فيما كشفه سنودين تكمن في أنه لم يكشف عن القانون فقط، بل وعن شركات الإنترنت التي كانت تقوم بتزويد وكالة الأمن القومي بالمعلومات، ما دفع الجماعات الإرهابية إلى التوقف عن التعامل معها.

ويشير التقرير إلى أن المسؤولين الأمريكيين لم يذكروا أسماء الشركات، لكنهم مقتنعون بأنه لو لم يقم سنودين بالكشف عنها، لاستمر الإرهابيون بالاعتماد على الشركات الأمريكية المزودة لخدمات الإنترنت.

ويعلق موريل بأن "الضرر كان كبيرا، وسيستمر بالزيادة مع الزمن". ويضيف أن النقاش العام في الولايات المتحدة حول تسريبات سنودين تركز على جمع وكالة الأمن القومي رسائل الأمريكيين الإلكترونية، إلا أن سنودين أحدث ضررا بالغا عندما "سرب معلومات كثيرة عن برنامج أكثر أهمية"، أي النشاطات التي تمت تحت بند 702، بحسب الموقع.

ويذكر موريل أن تسريبات سنودين لم تكن محددة في نشاطات وكالة الأمن القومي، ولكن المبرمج السابق في وكالة الأمن القومي، الذي يعيش في روسيا الآن، سرق معلومات من "سي آي إيه".

ويقول موريل إنه قدم تقريرا لمدير الاستخبارات الأمريكية جون برينان، بعد ظهور التسريبات في منتصف حزيران/ يونيو 2013، في كل من "واشنطن بوست" و"الغارديان"، ويضيف موريل: "كنت واضحا أنه علينا معرفة عدد من الأمور في أقرب وقت ممكن. أولا، هل هناك معلومات أو وثائق لها علاقة بـ(سي آي إيه) في المواد التي سرقها سنودين من وكالة الأمن القومي؟. ثانيا، هل سرق معلومات سرية عندما كان يعمل في (سي آي إيه)؟".

وينوه الموقع إلى أنه بعد أن أعطي ضباط "سي آي إيه" إذنا للاطلاع على المراجعة الأمنية الداخلية لوكالة الأمن القومي، قال موريل: "لم تكن الأخبار سارة"، مضيفا أن "من بين الوثائق التي كانت عرضة للخطر ليس فقط أسرار وكالة الأمن القومي، ولكن أسرار (سي آي إيه) أيضا".

ويفيد التقرير بأن موريل لا يقدم تفاصيل حول طبيعة الأسرار، أو نوع العمليات التي تأثرت، ولكن "سي آي إيه" تقوم بعمليات جمع المعلومات الاستخبارتية الإلكترونية مثل وكالة الأمن القومي، وتدير مع الأخيرة عمليات مشتركة.

ويورد الموقع أنه بالنسبة للسؤال الثاني، وعما إذا كان سنودين قد سرق معلومات من "سي آي إيه"، يكتب موريل "ليست لدي صلاحية للكشف عما قدم من تفاصيل؛ لأن هناك قلقا حول الأمن القومي وتداعياته، لو تم الكشف عن المعلومات".

ويستدرك هاريس بأن موريل يتحدث بشكل مطول عن طريقة توظيف سنودين، الذي قررت وكالة الأمن القومي استئجاره، رغم أنه لم يكن يحمل شهادة جامعية، ولديه خبرة قصيرة في الجيش، وعلم نفسه بنفسه مهارات الكمبيوتر. ويقول موريل إن "طلب سنودين للعمل وأداءه وتصرفاته قد أثارت قلق المسؤولين في (سي آي إيه)، بما في ذلك القلق الأمني. فقد كان سنودين واعيا لهذا كله، ورحل عن الوكالة قبل أن يتم حل المشكلة، أو يتم اتخاذ إجراءات بحقه".

ويقول الموقع إنه على ما يبدو فإن موريل يشير إلى رواية أحد المشرفين على سنودين في "سي آي إيه"، الذي كتب ملاحظة فيها "ازدراء" على ملف سنودين، الذي كانت تصرفاته "مثيرة للغرابة"، قبل أن يترك الوكالة للعمل متعهدا في وكالة الأمن القومي.

ويلفت التقرير إلى أنه في عام 2013 كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" عن أن المخابرات الأمريكية شكت في محاولة سنودين الدخول في ملفات سرية على الكمبيوتر، التي لم يكن يسمح له بدخولها، ونفت المخابرات الأمريكية ما ورد في التقرير من أن سنودين كان يحاول الدخول لملفات سرية.

ويبين الموقع أن الوكالة لم تشكك في مظاهر القلق التي أبداها مشرف سنودين في المخابرات، حيث كتب معلقا على تصرفاته الغريبة، التي لم يتم نقلها إلى وكالة الأمن القومي أو الشركة المتعهدة التي وظفته، إلا بعد قيامه بتسريب الأسرار إلى الصحافيين. وبنت "نيويورك تايمز" تقريرها على شهادات عدد من المشرعين والمسؤولين ممن اطلعوا على عمل سنودين.

ويقول موريل إنه واحد من المسؤولين الأمريكيين الذين اعتبروا سنودين "خائنا"؛ لأنه هدد بوضع أسرار الولايات المتحدة الأمنية في يد أعدائها، ولكنه توقف عن اتهامه بكونه عميلا لدولة أجنبية، أو يقوم بالتجسس نيابة عنها.

يقول موريل:"رأيي الشخصي حول هذه المسألة هو أن المخابرات الصينية والروسية قامت بلا شك بنصب شرك له، وعرضت عليه ملايين الدولارات كي يشاركها في الملفات التي سرقها، وأن يجيب عن أي سؤال يريدون معرفته حول وكالة الأمن القومي و(سي آي إيه). ولكنني أعتقد أن سنودين قال لهم: (لا، شكرا لكم)، نظرا لعقليته وموقفه الواضح من المخابرات، التي لا يكن لها أي حب".

ويختم "ديلي بيست" تقريره بالإشارة إلى أنه على الرغم من هذا كله فإن موريل يرى أن سنودين "ربما قاد عن غير قصد الصينيين والروس إلى خزينة الوثائق التي كانت معه". وبعدها يقول موريل إن الصينيين والروس ربما طبقوا "القدرات الهائلة"، التي تمتلكها مخابراتهم. وتضم هذه القدرات القرصنة على قاعدة واسعة لسرقة الأسرار من عدد لا محدود من الشركات الأمريكية في حالة الصينيين، أما الروس فسمح لهم باختراق شبكات أجهزة الكمبيوتر في البيت الأبيض ووزارة الخارجية.

موقع عربي21

اضف تعليق