تحاصر المرشحين بالانتخابات البرلمانية المرتقبة تحديات أمنية وسياسية ضخمة، بالتزامن مع قرب موعد انعقادها في الـ10 من أكتوبر المقبل، وسط سلسلة من الاغتيالات والانسحابات الجماعية، فضلًا عن المحاصصة الطائفية من أجل استمالة الناخبين عبر تخويفهم من القوميات والطوائف الأخرى.

وتحظى الانتخابات القادمة باهتمام وزخم دولي واسع، وسط دعوات القوى الصناعية السبع الكبرى في العالم لإشراك مراقبين للانتخابات لضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة، وتغطية إعلامية متواصلة على مدار الساعة.

يستغل عدد من المرشحين، عدم اشتراط قانون الانتخابات على تحديد سبب انسحاب المرشحين من العملية الانتخابية، للضغط على بعض المرشحين الآخرين للتراجع عن استكمال الماراثون الانتخابي لتعزيز فرصهم بالانتخابات المقبلة، مستغلة حالة الانفلات الأمني الناتجة من استمرار بقاء السلاح خارج المنظومة الأمنية للدولة وعدم الاستقرار السياسي وترسيخ الطائفية السياسية.

من جانبها، كثفت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، من جهودها للاستعداد لضمان نزاهة الماراثون الانتخابي المرتقب في أكتوبر القادم، في ظل إجراءات غير مسبوقة تشنها المفوضية العليا لمنع تكرار حالات التزوير الواسعة التي شهدتها انتخابات عام 2018.

وشهد العراق، عمليات تزوير كبيرة باستغلال السلاح، فضلا عن رصد محاولات تلاعب ضخمة بالمحافظات الجنوبية.

ومن أبرز تلك الإجراءات، استخدام البطاقات الالكترونية قصيرة الأجل في العملية الانتخابية والمصادقة لأصحابها باستخدام بصمات الأصابع العشرة؛ لضمان دقة التصويت، وسحبها فور انتهاء عملية التصويت، فضلا عن تشكيل لجنة مركزية لمتابعة استعدادات المكاتب الانتخابية في كافة المحافظات، وتشكيل فرق لرصد المخالفات الخاصة بالحملات الانتخابية للمرشحين.

ومن المقرر أن توفر المفوضية العليا للانتخابات بالعراق، رابط على المتجرين الالكترونيين "جوجل بلاي وأب ستور"، للتسهيل على الناخبين معرفة اسم مراكز التسجيل والاقتراع وحالة التسجيل البايومتري الخاصة به، عن طريق البحث باستخدام رقم الناخب الخاص به أو المعلومات الشخصية.

وتعد البطاقة البايومترية (طويلة الأمد)، من أكثر الأدوات رصانة والتي وجهت رئاسة الوزراء بضمها إلى الأوراق الرسمية الثبوتية للمواطنين، حيث أنها من المقرر أن تحد عمليات التزوير بنسبة 100% بالانتخابات المقبلة، خاصة وأنها تعتمد بصمة العينين واليدين للمواطنين العراقيين.

أما حول شكاوى الاقتراع والطعون، أصدر مجلس المفاوضين قرارًا بأن يلتزم مقدم الطعن بتقديم تأمينات مقدارها مليون دينار عراقي ويقيد المبلغ في خزينة الدولة حال مطابقة نتائج الفرز اليدوي بفعل الطعن مع نتائج الفرز الالكتروني، وفق أحكام البند 38 أولًا من قانون انتخاب مجلس النواب رقم 9 لسنة 2020.

وأكدت جمانة الغلاي المتحدثة باسم المفوضية العليا للانتخابات، على حذف 44 ألف شخص متوفٍ من سجل الناخبين، خلال فترة تحديث سجل الناخبين في الانتخابات القادمة، بالتنسيق مع وزارة الصحة والبيئة، حيث تجاوزت فترة التحديث تلك الـ100 يومًا.

بدوره، قدم رئيس الجمهورية برهم صالح، مجموعة من التوصيات لضمان نزاهة العملية الانتخابية، والتي كان من أبرزها أن عمليات فرز الأصوات تكون إلكترونية ويدوية، وإعلان النتائج بعد المطابقة وتسليم نسخ من النتائج لوكلاء الأحزاب السياسية والمرشحين، وتغطيتها عبر البث المباشر داخل مراكز التصويت والفرز.

ووضعت المفوضية العليا للانتخابات، شروط نظام الحملات الانتخابية في انتخابات أكتوبر المرتقبة، وهي منع الكتابة على الجدران أو نشر أي إعلان أو صور لمرشحين لمسافة تقل عن 100 متر عن محطات الاقتراع أو استغلال أي وسيلة من وسائل الدعاية الخاصة بالمفوضية أو استغلال أبنية ومؤسسات الدولة المختلفة وأماكن العبادة لأي أنشطة انتخابية.

ويضم المشهد الانتخابي في العراق، ما يقرب من 44 تحالفًا انتخابيًا، والذي يضم ما بين 260 الى 300 كيانًا وحزبًا، بالإضافة إلى عددًا من المرشحين المستقلين؛ لانتخاب 329 نائبًا من خلال 83 دائرة انتخابية، وفقا للتمثيل النسبي في توزيع المقاعد النيابية والكتل والقوى والأحزاب السياسية المشاركة بالانتخابات.

وتأتي الانتخابات المبكرة في العراق، على خلفية الاحتجاجات منذ أواخر عام 2019، بسبب تفشي الفساد والبطالة وتردي الأوضاع المعيشية والحياتية، رغم دعوة 17 تيارًا ومنظمة منبثقة عن الحركة الاحتجاجية لمقاطعة الانتخابات، في ظل عدم وجود شعبية لها.

وكشف مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء، عن محاولات بث اليأس في نفوس المواطنين واستغلال شريحة الفقراء لغايات انتخابية، مؤكدًا بأنه هناك من يدفع المواطنين لعدم المشاركة خوفًا من نتائج الانتخابات المبكرة وعرقلة أي منجز تحققه الحكومة.

من جانبه، قال على البيدر الكاتب المحلل السياسي، إن الانتخابات البرلمانية المقبلة تعد خطوة هامة لتأسيس مرحلة جديدة يمر بها العراق، كونها تتم بناءًا على توزيع المحافظات على دوائر انتخابية متعددة بخلاف ما كان يحدث قبل ذلك.

وأضاف البيدر، أن الطائفية السياسية، تعد الوسيلة الوحيدة التي يتكئ عليها السياسيون في العراق عبر إثارة النعرات والمواقف الطائفية، لافتا الى أن الوعي العراقي ما زال ضعيفًا ويسمح بتلك التوجهات الطائفية، بسبب وجود أكثر من طائفة بالبلاد منها ديني وقومي وقبلية عشائرية، مؤكدًا أن التنوع السياسي لن يسمح لطائفة معينة بالهيمنة على المشهد بالانتخابات.

وأوضح أن القوة الفاعلة في المشهد السياسي بالعراق تنقسم بين الشيعة والسنة والأكراد، مشيرًا إلى أنه هناك تقاسم سياسي بالبلاد، حيث يحظى السنة برئاسة البرلمان والشيعة بمنصب رئيس الوزراء والأكراد رئاسة الجمهورية.

وأكد أنه لا يوجد أحزاب تحظى بتفوق كبير أو الفوز بمقاعد أكثر مما تمتلكها الآن باستثناء الجانب الكردي، مشيرًا إلى أن الاستراتيجية التي أعدها حزب الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني يمكن من خلالها أن يفوز بمقاعد جديدة خلاف المقاعد التي يمتلكها، حيث أنه يمتلك أكبر كتلة برلمانية حزبية.

اضف تعليق