يعزو مسؤولون في دائرة المرور في بغداد تزايد الدراجات النارية إلى كثرة الاختناقات المرورية، وتراجع القدرة الشرائية للعراقيين، ما يجعل كثيرين يفضلون وسائل نقل رخيصة، وأقل استهلاكاً للوقود.

يقول مسؤول في دائرة مرور بغداد إن العاصمة تضم ما لا يقل عن ربع مليون دراجة نارية، والكثير منها غير مسجلة، وبالتالي فإن الكثير من جرائم القتل والسرقة والمخدرات تتم من خلالها، فهي تنجح على الأغلب في الإفلات من الملاحقة بسيارات الشرطة.

وقررت وزارة الداخلية في يناير/ كانون الثاني الماضي منع سير كل أنواع الدراجات النارية، المسجّلة وغير المسجّلة، من الساعة السادسة مساءً وحتى فجر اليوم التالي، وتوعدت المخالفين بحجز دراجاتهم، ومعاقبتهم بغرامة مالية مقدارها 100 ألف دينار، وأكدت أن القرار يشمل أيضاً منع ركوب شخصين على الدراجة الواحدة، في محاولة للحد من ظاهرة الاغتيالات والسرقة عن طريق الدراجات.

وحتى وقت قريب، كان استخدام الدراجات النارية، أو الهوائية، مقصوراً على فئات معينة في المجتمع العراقي، لكنها أصبحت مستخدمة على نطاق أوسع، ومن بين مستخدميها المعلمون، والموظفون الحكوميون، ويقول الضابط في مديرية مرور بغداد يوسف المساري إن الدراجات النارية "ليست سيئة لو تم الالتزام بالقانون، واحترام أسبقية المرور في الشارع".

ويضيف المساري أن "زيادة أعداد الدراجات النارية بدأت بعد سماح الحكومة باستيرادها مجدداً، ومنحها لوحات خاصة بها من أجل التغلب على الزحام المروري، وتوفير الوقود. انتشار الدراجات رغم الجوانب الإيجابية، بات مصدر إزعاج للمواطنين في داخل الأحياء السكنية، وخاصة في ساعات الليل، فهناك الكثير من الأشخاص الذين يقودون دراجاتهم من دون الالتزام بأبسط قواعد القيادة، وهناك ضحايا كثر من سائقي الدراجات النارية، وبشكل أقل للدراجات الهوائية، وحوادثهم المرورية تتسبب بوفيات بشكل أسبوعي في مختلف المدن".

وتتراوح أسعار الدراجات النارية بين 500 إلى نحو 3 آلاف دولار بحسب المنشأ، والتفاصيل المتعلقة بالسرعة وإجراءات الأمان، وباتت الدراجات التي تعمل بالكهرباء تنافس الدراجات الهوائية والنارية في الشارع.

ويلفت أحمد عبد الله، وهو صاحب محل تجاري في الباب المعظم بوسط بغداد، إلى ما يسميه "غزو الدراجات"، قائلاً إن "المدن التي يتزايد فيها الفقر والبطالة تعرف ظواهر جديدة، ومنها الدراجات النارية والهوائية، والتي لم تعد حكراً على فئة، فالجميع بات يستخدمها، فهي أسرع، وأقل كلفة، لكن هناك آثاراً سلبية أيضاً، من بينها الإزعاج بسبب أصواتها، وعدم تسجيل الكثير منها، ما يجعلها وسيلة لتنفيذ الجرائم، إلى جانب عدم الالتزام بقوانين المرور، ومزاحمتها للسيارات، ما يتسبب بحوادث مستمرة، وينبغي تطبيق القانون بصرامة".

ويقول المعلم باسم العيساوي إنه بدأ استخدام الدراجة النارية قبل أكثر من سنتين كوسيلة تنقل بسبب الازدحام، والحوادث المرورية، مبيناً أن "كثيراً من الموظفين في القطاعين العام والخاص باتوا يفضلون الدراجات النارية على السيارات باعتبارها أنسب للتغلب على الزحام، كما تسمح لمستخدميها باختصار الوقت، والوصول إلى أماكن عملهم بشكل أسرع".

وأشار العيساوي إلى أنه وجد في الدراجات النارية حلاً ناجعاً للتخلص من معاناة المرور اليومية، مضيفاً: "كنت أقضي بالسيارة أكثر من ساعة يومياً للوصول إلى مكان عملي، في حين يستغرق الأمر باستخدام للدراجة أقل من 45 دقيقة".

وانتشرت الدراجات النارية في العراق بعد الغزو الأميركي في عام 2003، بعد أن سمحت حكومات متعاقبة باستيراد مختلف أنواعها، لكن حدث ذلك من دون تخطيط، ومن دون معرفة الطاقة الاستيعابية للشوارع المتهالكة. ومؤخراً، أضيفت إلى الدراجة النارية وظائف متعددة، فقد انتشرت الدراجة التي تنقل الأغراض، ويطلق عليها محلياً اسم "الستوتة"، وكذلك الدراجة التاكسي "التوك توك"، والتي تنقل الأفراد في المسافات القريبة.

ويقول ياسين العزاوي، وهو مدير مطعم بوسط بغداد، إن "كثيراً من المواطنين يستخدمون الدراجات كوسيلة نقل، ومنهم أصحاب المطاعم والمحال التجارية، لكن بعض الشباب الطائشين يستخدمونها بطرق خاطئة، إذ يقومون بإزعاج الآخرين بسبب السرعة الزائدة، والأصوات المزعجة، بالإضافة إلى استخدامها من قبل البعض في تنفيذ الجرائم".

وأضاف العزاوي أن "الدراجات النارية باتت مصدر رزق لكثيرين، وغالبيتهم من الشباب الذين دفعتهم الظروف الصعبة إلى مهن باتت شديدة الخطورة بسبب كثرة الحوادث، وبالرغم من حاجة المواطنين الماسة إلى الدراجات النارية، إلا أنه لا يمكن إنكار أنها أفقدت شوارع بغداد هدوئها، وبعض الشوارع أصبحت مكتظة بالدراجات".

المصدر: موقع "العربي الجديد"

اضف تعليق