أسهمت العمليات العسكرية لملاحقة فلول تنظيم داعش الوهابي بتراجع عمليات العنف والهجمات الإرهابية، سواء على مستوى المناطق المحررة التي لا تزال بعض أطرافها تعتبر مخابئ لعناصر التنظيم؛ أو في بغداد وبقية المدن التي لم تعد تشهد أي تهديدات أمنية كما في الأعوام السابقة، فيما لا تزال القوات المسلحة تواصل تمشيط المناطق الشمالية والغربية، منها نينوى وكركوك وديالى وصلاح الدين والأنبار وضواحي بغداد، إلى جانب الضربات الجوية المتواصلة لاستهداف تحركات التنظيم.

وحققت عملية "الإرادة الصلبة" تقدماً في تفتيش المناطق النائية والصحراوية، لا سيما صحراء الحضر في نينوى، وصولاً إلى صحراء محافظتي الأنبار وصلاح الدين، إذ تمكنت من كشف نحو 10 مقار كانت تعتبر مأوى لعناصر تنظيم داعش، إضافة إلى مواد لوجستية، وتدمير أكداس للعتاد وأنفاق وتفجير ألغام مزروعة على الطرق.

وأعلنت القوات المسلحة العراقية عن مقتل عدد من عناصر التنظيم خلال المواجهات. ويعتقد قادة أمنيون أن التنظيم لم يعد قادراً على المواجهة المباشرة مع القوات العراقية، لكنه قد يواصل الكمائن لاصطياد عناصر الأمن والمدنيين، والأهم هو تراجع هجماته بشكلٍ كبير، جرّاء محاصرته في مناطق معروفة ومشخصة من قبل السلطات الأمنية، وأنه ينتهي تدريجياً.

وعن خسائر "داعش"،أوضح المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة، اللواء تحسين الخفاجي، أنه "لا توجد أعداد واضحة لقتلى عناصر التنظيم، لكن ما هو مثبت لدى الأجهزة الأمنية أنه في تراجع مستمر، وقد تقلص نشاطه بشكل واضح بفعل العمليات المستمرة".

وكشف الخفاجي، عن "عمليات إلقاء القبض على عدد من القيادات المهمة في التنظيم خلال الفترة الماضية، إلى جانب تدمير مخابئ ومقار التابعة لهم في مناطق صحراء الأنبار ومناطق جبلية وعرة شمالي العراق"، مؤكداًً اعتقال من وصفهم بـ"رؤوس مهمة من قادة تنظيم داعش"، من بينهم أشخاص "كانوا يمارسون أدوارا في سورية أيضا".

وقال إن "القوات الامنية تحصد نجاحات في محاربة الإرهاب، وهي تسعى إلى مزيدٍ من النجاحات لتأمين كل أراضي البلاد وتأمين الحدود، وهذا يتحقق من خلال التعاون بين الأجهزة الأمنية جميعها، إضافة إلى المعلومات التي تحصل عليها القوات من المواطنين".

من جهة ثانية، قال المستشار الأمني بوزارة الداخلية اللواء طارق العسل إن "التنظيم يعاني من عدم توفر الأراضي التي يستقر فيها داخل العراق. حالياً غير موجود بالقياسات الجغرافية، ويفتقر لقدرة التحرك بين المدن"، مستدركاً "لكن هناك عوامل قد تؤدي إلى عودة نشاطه، بضمنها تواصله مع بعض القيادات في سورية".

ورأى العسل، أن "الخبرات العسكرية والأمنية في تطور مستمر، وتحديداً في ملف التعامل مع تنظيم داعش"، مشيراً في المقابل إلى أن "الحدود مع سورية لا تزال تمثل خطراً حقيقياً، حيث إنها غير مؤمنة بالكامل وتشهد تحديات كبيرة، تتمثل بعدم وجود قرار عراقي واحد، وإن هذا التخبط يؤدي عادة إلى ضعف الحالة الأمنية".

أما العضو في لجنة الأمن والدفاع البرلمانية في الدورة الماضية بدر الزيادي، فقد قدّر عدد أعضاء التنظيم بأنهم لا يتجاوزون المئات داخل العراق.

واعتبر، أن "في المرحلة الحالية والمقبلة، لا بد من زيادة دعم أجهزة المعلومات الأمنية، لمنع أي تطورات على مستوى تمويل الإرهاب وتغذيته بالموارد البشرية أو التسليح".

بدوره، لفت العميد المتقاعد في الجيش عماد علو إلى أن "عناصر التنظيم باتوا محاصرين في أقل مساحة ممكنة لهم في العراق، وهم ملاحقين وليس لديهم مسكن أو موطئ قدم ثابت".

وأوضح، أن "العمليات العسكرية وسلسلة الإنزالات الجوية الأخيرة على المخابئ بطريقة مستمرة، أدت إلى أمرين، الأول توزعهم في أكثر من منطقة وعادة ما تكون البساتين والصحاري والمناطق الوعرة مثل الجبال، وثانياً، إن الكتلات العددية تفتتت، بمعنى أن الجماعات الخماسية أو السداسية أو السباعية لعناصر التنظيم، باتت غير قادرة على البقاء بالصورة القديمة، وبات عناصر التنظيم يتحركون بصورة توأمية، حيث ينفذ أحياناً عنصران فقط عملية إرهابية، وعادة ما تكون سريعة ولا تخلف أي أضرار على الطرف الثاني، سواء كانوا مدنيين أو قوات عراقية".

وأشار إلى أن "الانتصارات التي تحققت كانت بمساعدة من الأهالي الذين عانوا من الإرهاب، لذا لا بد من بناء جسور الثقة معهم في سبيل التعاون المستقبلي".

المصدر: موقع "العربي الجديد"

اضف تعليق