ذكر تقرير لمركز أبحاث تشاتام هاوس في لندن أن التراث الثقافي العراقي الغني يضيع "بمعدلات غير مسبوقة" بعد الدمار بسبب الحروب وداعش ونقص السيولة والنهب والخلافات بين الجماعات المتنافسة التي تسعى إلى وضع بصماتها الخاصة على تاريخ البلاد.

وقال المركز إن الآثار التي تعود إلى آلاف السنين تنهار بسبب نقص الأموال والافتقار إلى هيئة مركزية قوية لضمان حماية الآثار القديمة والحفاظ عليها.

وأخبر عالم آثار محلي مؤلفي التقرير أن "عشرات" المباني كانت تتساقط في العاصمة القديمة بابل لأنهم لا يستطيعون تحمل تكلفة سقالات الطوارئ أو القيام بأعمال ترميم عاجلة.

وقال الدكتور مهيار كاظم، الباحث البارز في قسم التاريخ في جامعة كوليدج لندن والمؤلف الرئيسي لورقة البحث بعنوان "افتراس التراث الثقافي في العراق": "كل بغداد التاريخية تنهار وهذا قرار سياسي".

وبحسب كاظم فإن الأحزاب السياسية أكثر اهتماما بالأراضي وقيمها التجارية لتلك المنطقة، وتنتظر انهيارها.

ويقول التقرير إن كنوز العراق الثقافية و 15 ألف موقع أثري أصبحت ساحة معركة بين النخب السياسية السنية والشيعية والأكراد المتنافسة للترويج لرؤيتهم السابقة والمستقبلية للعراق.

وقال التقرير إن السيطرة على المواقع قد تشظت الآن مع مؤسسات جديدة تمول لتعزيز مصالح عرقية ودينية معينة.

وضاعفت المنافسة عقودًا من الإهمال والعقوبات وتدمير الكنوز الثقافية للعراق خلال الحرب ومن قبل داعش التي هاجمت المواقع التاريخية والدينية للترويج لنظرتها العالمية المتطرفة.

ويقول التقرير إن تاريخ العراق الطويل هو أحد أغنى موارده، حيث تتمتع السياحة القائمة على التراث بإمكانية أن تكون ثاني أكثر الصناعات قيمة في البلاد بعد النفط والغاز.

لكن إمكاناتها تجعلها أيضًا فريسة لاستمرار نهب وبيع ثرواتها في الخارج.

وقال الدكتور كاظم إن وزير الثقافة في البلاد يفتقر إلى الأموال اللازمة لحماية المواقع ويعتمد على دفع أموال للمجتمعات المحلية للإشراف على بعض المواقع الأكثر حساسية مع نجاح متباين.

ويضيف، لقد فقد العراق مئات الآلاف من القطع الأثرية جراء النهب منذ حرب الخليج الأولى عام 1991 واستمر خلال سنوات من الاحتلال والعقوبات والصعوبات الاقتصادية.

ولم تتمكن السلطات من حماية بقايا وآثار مدينة نمرود القديمة، جنوب الموصل مباشرة، اذ كانت ذات يوم عاصمة الإمبراطورية الآشورية التي حكمت أجزاء كبيرة من الشرق الأوسط، وقد دمرها تنظيم داعش قبل أن يتم استعادتها في أواخر عام 2016.

وذكر التقرير أنه "بعد عدة سنوات من عام 2017، ظلت الآلاف إن لم تكن مئات الأجزاء من الآثار الثقافية المدمرة من الحقبة الآشورية في نمرود على الأرض، وتعاني من آثار الأمطار وفصول الصيف القاسية".

اضف تعليق