لم تكن زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، للبحرين دبلوماسية بالدرجة الأولى، أو تهدف فقط إلى افتتاح سفارة دولة الاحتلال في المنامة، بل طغت عليها مظاهر عسكرية كان أبرزها زيارته للأسطول الأمريكي الخامس.

وأرادت "إسرائيل" من خلال زيارة الأسطول الخامس بالمنامة- كما يرى مراقبون- إيصال رسائل وإشارات واضحة إلى إيران بأنها أصبحت قريبة جداً منها، وتعمل من خلال الولايات المتحدة والبحرين خلال الفترة القادمة بالمنطقة ومياه الخليج.

ولم يكتفِ وزير خارجية الاحتلال بزيارة الأسطول الأمريكي الخامس، بل بحث التعاون مع البحرين في مسألة الرد على هجمات الطائرات الإيرانية المسيرة، التي يُنظر إليها على أنها تهديد متزايد للمنطقة، وفقاً لما كشفته صحيفة "هآرتس" العبرية (الجمعة 1 أكتوبر الجاري).

وخلال الزيارة، التقط لابيد برفقة نظيره البحريني عبد اللطيف الزياني، صورة تذكارية أمام البارجة "يو إس إس بيرل هاربور"، جنباً إلى جنب مع مسؤول كبير في البحرية الأمريكية، والقائمة بالأعمال السفيرة الأمريكية في المنامة، ماغي ناردي.

كما بحث لابيد خلال الزيارة، وفق الصحيفة الإسرائيلية، طرقاً لإنشاء "أمن إبحار" السفن البحرينية بالخليج، وهو ما سيضعها في مواجهة بحرية مع إيران.

واحتلت المباحثات الإسرائيلية البحرينية، حسب الصحيفة، القسم الأكبر من اللقاء بين لابيد وملك البحرين، حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة، إضافة إلى تناول اللقاء قضايا اقتصادية.

ويضم الأسطول الخامس الأمريكي حاملة طائرات وعدداً من الغواصات الهجومية والمدمرات البحرية وأكثر من سبعين مقاتلة، إضافة لقاذفات القنابل والمقاتلات التكتيكية وطائرات التزويد بالوقود.

وتشير تقديرات رسمية إلى أن عدد البحارة الأمريكيين المتمركزين في البحرين يربو على 5000 بحار، فيما يقدَّر عدد السفن التابعة لسلاح البحرية الأمريكي والراسية في البحرين بثلاثين سفينة، ويصفه خبراء بأنه أكثر الأساطيل الأمريكية الاستراتيجية أهمية في منطقة الخليج.

وتتلخص مهام الأسطول الخامس في تأمين إمدادات النفط من الخليج إلى الأسواق العالمية ومراقبة إيران عن قرب، والردع السريع إذا ما حاولت إغلاق مضيق هرمز، والإشراف على العمليات العسكرية في الخليج العربي وخليج عمان والبحر الأحمر وأجزاء من المحيط الهندي.

ويشارك الأسطول وبشكل مباشر في العمليات العسكرية بكل من العراق وأفغانستان، ومكافحة الإرهاب والقرصنة في المياه الدولية.

غضب إيراني

إيران بدورها، نددت في بيان للمتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بزيارة وزير الخارجية الإسرائيلي للبحرين، محذرةً من "أي تمهيد لترسيخ الوجود الإسرائيلي المدمر في المنطقة".

وسبق أن حذَّرت إيران في أكثر من مناسبة، من أي وجود عسكري إسرائيلي بالخليج، بعد اتفاقيات التطبيع التي أبرمتها الإمارات والبحرين مع "إسرائيل" العام الماضي، والتفاهمات والاتفاقيات الكبيرة التي أبرمت بين الطرفين، حتى بات مراقبون يتحدثون عن تحالف استراتيجي بات يجمعهم، خاصةً ضد طهران.

وفي هذا السياق، يقول أستاذ الدراسات الشرق أوسطية بجامعة حيفا البروفيسور محمود يزبك: إن "وزير الخارجية الإسرائيلي أراد من خلال زيارته الأسطول الأمريكي الخامس في البحرين، إيصال رسائل إلى إيران بأن هناك تحالفاً استراتيجياً بين إسرائيل والولايات المتحدة والبحرين بالمنطقة".

وتحمل زيارة لابيد للأسطول الخامس، وفق حديث يزبك، "تهديداً واضحاً لإيران التي ترفض الوجود الإسرائيلي في مياه الخليج، وأيضاً اتفاقيات التطبيع مع البحرين والإمارات".

ولن تتردد إيران، حسب حديث يزبك، في مواجهة "إسرائيل" بمنطقة الخليج حتى لو تحالفت "تل أبيب" مع الولايات المتحدة؛ لكونها تعتبر تلك المنطقة تهديداً واضحاً لأمنها الاستراتيجي والقومي.

ويستبعد أستاذ الدراسات الشرق أوسطية "دخول إسرائيل في أي حرب مع إيران أو أي دولة في المنطقة بسبب الدول العربية، ولكنها قد تدخل في حرب معها للدفاع عن مصالحها فقط".

مواجهات وهجمات

وسبق أن شهدت مياه الخليج خلال العامين الماضيين، هجمات عسكرية متبادلة بين إيران و"إسرائيل"، بدأت عام 2019 حينما هاجمت دولة الاحتلال سفناً إيرانية تحمل بعضها أسلحة والبعض الآخر نفطاً أو بضائع، بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".

وتؤكد الصحيفة الأمريكية أن الخطوات الإسرائيلية تهدف إلى الحد من نفوذ إيران في الشرق الأوسط، ومنع طهران من الالتفاف على العقوبات الأمريكية.

وفي فبراير الماضي، تعرضت سفينة الشحن الإسرائيلية "إم في هيليوس راي"، التي ترفع علم جزر الباهاما، بخليج عُمان لهجوم، وحينها اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، بنيامين نتنياهو، إيران بمهاجمة السفينة.

كما أكدت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أن ما لا يقل عن 12 سفينة محملة بالنفط الإيراني أو أسلحة وذخيرة كانت متجهة إلى سوريا، تعرضت لهجمات صاروخية أو إلكترونية أو بألغام بحرية متفجرة.

وسبق أن أشارت تقارير عبرية إلى أن المواجهة البحرية الإيرانية – الإسرائيلية التي خرجت مؤخراً إلى العلن؛ "رسالة صريحة لواشنطن بأنه إذا لم تتم معالجة جذرية للمشاكل بين إسرائيل وإيران، فقد يتدهور الوضع نحو شفير حرب شاملة".

وتمتلك إيران سيطرة بحرية على مضيق هرمز والذي يمر عبره نحو خُمس نفط العالم، وهو ما يزعج "إسرائيل"، التي تحاول دائماً التضييق على الإيرانيين وتحاول منعهم من الالتفاف على العقوبات الأمريكية.

المصدر: الخليج اون لاين 

اضف تعليق