حذرت روسيا، والصين، وإيران، الولايات المتحدة من التدخل في كوبا، بعد أن أعرب الرئيس الأمريكي جو بايدن عن دعمه للاحتجاجات الضخمة التي هزَّت الجزيرة الواقعة في الكاريبي.

وانتقد وزير الخارجية الكوبي، برونو رودريجيز، "العدوان الأمريكي المتزايد»" على بلاده، وذلك في تصريحات مطولة أدلى بها للصحافة يوم الثلاثاء الماضي، في أعقاب المظاهرات المناهضة للحكومة الكوبية التي خرجت احتجاجًا على نقص لقاحات كوفيد-19 والاحتياجات الإنسانية الأساسية.

يلفت توم أوكونور، في مستهل تقرير نشرته مجلة "نيوزويك"، إلى أن مشكاةً واحدة يخرج منها انتقاد رودريجيز وتحذير القوى الثلاث (روسيا، والصين، وإيران) التي وجهت نقدًا لاذعًا لسياسة واشنطن الخارجية تجاه هافانا، وفي أجزاء أخرى كثيرة من العالم.

الموقف الروسي: التضامن مع كوبا ورفض التدخل الخارجي

في موسكو، التقى نائب وزير الخارجية الروسي، سيرجي ريابكوف، مع السفير الكوبي لدى روسيا، خوليو جارمنديا بينيا، في وقت سابق يوم الثلاثاء، لإجراء نقاشات أعرب خلالها "الجانب الروسي عن تضامنه مع كوبا حكومةً وشعبًا، ووعد بتقديم دعم شامل للجهود الرامية إلى تطبيع العلاقات بين البلدين في أقرب وقت ممكن"، بحسب وزارة الخارجية الروسية.

وجاء في البيان أن "الجانبين أعربا عن ثقتهما بأن الوضع سيعود إلى طبيعته قريبًا، وشددا على رفض التدخل الأجنبي، وأي تصرفات أخرى مدمرة قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار في كوبا".

يشير التقرير إلى أن موسكو كانت أكبر مؤيدي هافانا في عهد الاتحاد السوفيتي، ولا تزال العلاقات الكوبية – الروسية قوية حتى اليوم، وأحد مظاهرها الدعم المقدم للحكومة الاشتراكية الفنزويلية، التي تخضع، مثل كوبا، لعقوبات أمريكية.

الموقف الصيني: الحظر الأمريكي سبب أزمة كوبا

أشارت الصين بأصابع الاتهام إلى الإجراءات الأمريكية في سياق دفاعها عن موقف كوبا، حين صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، تشاو ليجيان، في مؤتمر صحافي يوم الثلاثاء بأن "الحظر الأمريكي هو السبب الجذري لنقص الأدوية والطاقة في كوبا".

وأدانت الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي القيود التي فرضتها الولايات المتحدة منذ عقود على التجارة مع كوبا، للمرة الـ29 على التوالي، بأغلبية بلغت 184 صوتًا مقابل صوت واحد. وطالب المتحدث باسم الخارجية الصينية الرئيس الأمريكي برفع العقوبات، التي خففتها الولايات المتحدة لفترة وجيزة في عهد الرئيس باراك أوباما، قبل أن يعيدها خليفته دونالد ترامب.

انتقد تشاو أيضًا أي محاولات خارجية للتدخل في كوبا التي يقودها الشيوعيون، قائلًا: "تعارض الصين بحزم التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية لكوبا، وتدعم بقوة الإجراءات التي اتخذتها كوبا لمكافحة كوفيد-19، وتحسين مستوى معيشة الشعب، ودعم الاستقرار الاجتماعي، وتدعم بقوة كوبا في استكشاف مسار التنمية المناسب لظروفها الوطنية». وأضاف: «أود التأكيد على التزام الصين الراسخ بتعميق العلاقات الودية بين البلدين".

الموقف الإيراني: العقوبات الأمريكية سبب معاناة الشعب الكوبي

تعرضت الولايات المتحدة أيضًا لانتقادات مشابهة من إيران، التي تخضع هي الأخرى لعقوبات ثقيلة الوطأة، رفعها أوباما، لكنها أعيدت في عهد ترامب.

=وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، للصحافيين قائلًا: "في هذا الوضع، وبينما تتحمل الولايات المتحدة مسؤولية أساسية عن المشاكل العديدة التي يعاني منها الشعب الكوبي، فإنها تحاول الظهور كمؤيد للاحتجاجات الكوبية، وحاولت التدخل في الشؤون الداخلية لهذا البلد، في انتهاك صارخ للقواعد الدولية".

وأضاف أن إيران "بينما تدين العقوبات الأمريكية غير القانونية التي أسهمت في زيادة الصعوبات الاقتصادية التي يعاني منها الشعب الكوبي، فإنها تدين في الوقت ذاته أي تدخل في الشؤون الداخلية لهذا البلد، وتقف هذا الموقف باعتبارها دولة تواجه عقوبات أمريكية غير قانونية وقمعية".

الموقف الأمريكي: الوقوف مع الشعب الكوبي في مواجهة الاستبداد

في حين أن الولايات المتحدة تشارك حاليًا في مفاوضات – وإن كانت غير مباشرة – مع إيران، كجزء من محاولة العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، والذي أبرم في العام نفسه الذي أقدم فيه أوباما على خطوة تاريخية لكسر الجليد مع كوبا، خصم واشنطن في حقبة الحرب الباردة، لم تعلن واشنطن عن أي خطط لإعادة مد الجسور مع هافانا. بدلًا عن ذلك، شدد بايدن على دعمه للمظاهرات التي اجتاحت كوبا يوم الأحد.

استهل الرئيس الأمريكي تصريحاته، التي تركز على جهوده للحد من جرائم السلاح، يوم الاثنين بالإشارة إلى أن "الشعب الكوبي يطالب بتحريره من نظام استبدادي"، داعيًا الحكومة الكوبية إلى "الامتناع عن العنف في محاولتها إسكات أصوات الشعب الكوبي".

رفض الرئيس بايدن الإفصاح عما إذا كان يفكر في رفع الحظر المفروض على كوبا، ولاحقًا أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، التصريحات الأولية التي أدلى بها الرئيس يوم الثلاثاء. لا تزال وزارة الخارجية الأمريكية تجري مراجعة لسياسات الإدارة السابقة تجاه كوبا، والتي انتقدها بايدن سابقًا أثناء الحملة الانتخابية في سبتمبر (أيلول) الماضي، ووصفها بأنها "ألحقت الأذى بالشعب الكوبي، ولم تفعل شيئًا لتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان".

وقال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، يوم الاثنين: إن مراجعة السياسة "تركز على الرفاه السياسي والاقتصادي للشعب الكوبي، ومن الواضح أننا ننظر بعناية وعن كثب إلى ما حدث للتو، وما يحدث بالفعل".

وأضاف: "وكما ذكرنا مرات عديدة، فإن الديمقراطية وحقوق الإنسان هي في صميم المراجعة وفي قلب السياسة التي ستنتج عنها. هذا هو جوهر جهودنا. وسوف ينعكس ذلك على السياسة".

كما حذر بلينكين من أنه "سيكون من الخطأ الفادح أن يفسر النظام الكوبي ما يحدث في عشرات البلدات والمدن في جميع أنحاء الجزيرة على أنه نتيجة أو نتاج أي شيء فعلته الولايات المتحدة".

وتابع: "سيكون هذا خطأ فادحًا لأنه سيظهر أنهم ببساطة لا يسمعون أصوات الشعب الكوبي، ولا يأبهون بإرادته. لقد ضاق الناس ذرعًا بالقمع الذي استمر لفترة طويلة جدًا، وأثقل كاهلهم سوء إدارة الاقتصاد الكوبي، وأضناهم نقص «الغذاء اللازم»، وتعبوا بالطبع من الاستجابة غير الكافية لجائحة كوفيد-19".

اضف تعليق