اصدرت مجلة أون إيرث العلمية، دراسة حديثة حول تأثير ارتفاع درجات الحرارة والتغير المناخي على عدد ساعات النوم لكل فرد، بل وعلى جودة النوم.

وأوضحت الدراسة التي نُفذت على أكثر من 47 ألف شخص بالغ في 68 بلداً، أن "الأشخاص الذين يعيشون في الدول ذات الدخل الأقل، أكثر عرضةً لهذا الأمر من الأشخاص الذين يعيشون في الدول المتقدمة والتي تقدم الرفاهية لشعوبها، فمثلاً هناك دول تنشر مكيفات الهواء في الشوارع وليس في المنازل فحسب".

واضافة الدراسة التي اعتمدت على أجهزة تتبع هي عبارة عن أساور وساعات إلى، أن "النساء وكبار السن أكثر تأثراً بالتغيرات المناخية من الرجال والشباب، ومن المتوقع أن ينخفض عدد ساعات النوم لكل فرد بمعدل 50 إلى 58 ساعةً سنوياً، أي نحو 10 دقائق يومياً، بحلول عام 2099".

من جانبه، أوضح الدكتور أحمد مسعد، وهو طبيب العناية المركزة في أحد المجمعات الطبية الحكومية المصرية في محافظة المنيوفية، أن "ارتفاع درجات الحرارة يتسبب في عدم قدرة الجسم على الاسترخاء وانبساط العضلات، مما يزيد من الرغبة في النوم مدةً أطول للحصول على الراحة، وبالتبعية فإن طول مدة النوم غير العميق وتقطعه يتسببان في حدوث حالة من الخمول والكسل وتغير الحالة المزاجية".

وأضاف الطبيب، أن "درجة حرارة الجسم تتغير على مدار الأربع والعشرين ساعةً، وأن أنسب حرارة للنوم تتراوح ما بين 17 و18 درجةً مئويةً، وذلك غير مرتبط بالصيف فقط، بل بالشتاء أيضاً، فالإنسان لا يستطيع النوم في درجات الحرارة المنخفضة أو المرتفعة جداً".

وتسبب ارتفاع درجات الحرارة الى عدم قدرة الجسم على الاسترخاء وانبساط العضلات، مما يزيد من الرغبة في النوم مدةً أطول للحصول على الراحة، وبالتبعية فإن طول مدة النوم غير العميق وتقطعه يتسببان في حدوث حالة من الخمول والكسل وتغير الحالة المزاجي

وتحدث الطبيب عن بعض المصطلحات المهمة والمرتبطة بعملية النوم العميق لدى الإنسان، من أهمها مادة الميلاتونين التي يفرزها الجسم في الساعات الأولى من الليل من أجل تحفيز المخ على النوم، أي عند غروب الشمس، وتقل مع تقدم الليل واقتراب الصباح. وبالربط بين ارتفاع درجات الحرارة وعدم القدرة على النوم سريعاً في أول الليل، فإن الإنسان يفقد التأثير الثمين لهذه المادة ويصبح جسمه مضطرباً، مما يؤثر على النوم والتركيز نهاراً، إلى درجة أن هناك أشخاصاً يتناولون هذه المادة على هيئة أقراص.

ونوه الأطباء إلى، أن "الشخص الذي لا يأخذ قسطاً كافياً من النوم يتحول إلى شخص بليد غير قادر على التعلم والعمل، إذ تتسبب قلة النوم في ضعف الذاكرة وعدم قدرة الدماغ على تخزين المعلومات ومعالجتها، وهي المرحلة التي تحدث في أثناء النوم، كذلك يتحول الإنسان إلى شخص عصبي ذي مزاج عكر، ويزيد التوتر خاصةً في حالة اللجوء إلى المنبهات والكافيين من أجل زيادة التركيز. وتكفي ليلة واحدة من النوم القليل والمضطرب للتأثير بشكل كبير وواضح على الصحة الجسدية والعقلية والنفسية ولا يعني الأمر أن قلة النوم ستؤدي حتماً وحدها إلى الاكتئاب، لكنها يمكن أن تكون عاملاً مساعداً ينضم إلى مشكلات أخرى يعاني منها الفرد مثل الضغوط الاجتماعية والنفسية.

واشارت إحدى الدراسات الأمريكية الى، أن "قلة النوم لفترات طويلة تتسبب في موت 25% من الخلايا الدماغية لدى الفئران عند إجراء تجارب عليها، ومراقبتها لأيام عدة وهي تنام يومياً 4 أو 5 ساعات فقط".

وفي السياق ذتنه، اكدت الأخصائية النفسية وعضوة الجمعية المصرية للتحليل النفسي، أميرة عمارة، إن "الإنسان عندما لا يحصل على قدر كافٍ من النوم لن يستمتع بشيء في الحياة، خاصةً إن كان ذلك رُغماً عنه، مؤكدةً أن "اضطرابات النوم هي أحد مؤشرات المرض النفسي والاكتئاب وفي الوقت نفسه تكون مؤشراً على التعافي إن تحسن النوم والحالة المزاجية".

وأوضحت، أن "اعراض الاكتئاب كثيرة، مثل أن يكون الإنسان شارد الذهن دوماً، ويجد صعوبةً في التركيز، ويحب العزلة ودائماً يعاني من ضغط نفسي.

وبينت، أن "هناك مرحلتين مهمتين في النوم، هما المرحلة الثالثة والرابعة، اللتان يدخل فيهما العقل الباطن في سبات عميق، مضيفةً: "ليس المهم النوم لساعات طويلة، بل النوم بطريقة مريحة وهادئة".

حلول هذه المعضلة التي تنتظرنا في السنوات القادمة ليست سهلةً بكل تأكيد، وبعضها يعتمد على إستراتيجيات لا بد أن تضعها الدول وصانعو السياسات حول العالم، مثل محاولة تكييف المدن والأبنية مع درجات الحرارة المرتفعة وحماية السكان، وتأمين المزيد من أجهزة التكييف في المنازل، وبالطبع المحاولات الجادة للتصدي للتغيرات المناخية.

ومن الضروري عدم الضغط على أنفسنا، فإن لم نخلد إلى النوم خلال نصف الساعة الأولى من الذهاب إلى السرير، نستيقظ ونقرأ كتاباً أو نشرب مشروباً دافئاً، مع ضرورة أن يكون الفراش نظيفاً ومريحاً

أما على المستوى الفردي، فيمكن تقديم بعض النصائح السريعة، والتي يمكن أن تحسّن مزاجنا وتجعلنا نخلد إلى النوم سريعاً، أولها الابتعاد قدر الإمكان عن شاشة الهاتف قبل النوم، فهي أكثر ما يصيب الإنسان بالقلق، كذلك التقليل من شرب الكافيين واستبداله بالمشروبات المهدئة مثل اليانسون، وآخر ما يمكن اللجوء إليه في هذه الحالة الأدوية والمهدئات ويجب أن تكون بناءً على استشارة طبيب.

وبالعودة إلى الأخصائية النفسية عمارة، وبالإضافة إلى النصائح السابقة، لفتت الانتباه إلى ضرورة عدم الضغط على أنفسنا، فإن لم نخلد إلى النوم خلال نصف الساعة الأولى من الذهاب إلى السرير، نستيقظ ونقرأ كتاباً أو نشرب مشروباً دافئاً، مع ضرورة أن يكون الفراش نظيفاً ومريحاً فهذا مهم للصحة النفسية، وحذرت من تناول أي عقاقير من دون استشارة الطبيب.

وقدم موقع هيلث لاين المتخصص في نشر معلومات حول الصحة والعافية، مجموعةً من النصائح للنوم بشكل جيد في الليالي الحارة:

١- إغلاق النوافذ والستائر في أثناء النهار لإبعاد الحرارة.

٢- التقليل من أغطية الفراش قدر الإمكان، واستخدام ملاءات الساتان إن أمكن.

٣- ارتداء ملابس نوم مصنوعة من القطن أو أي خامة أخرى خفيفة الوزن وتسمح بمرور الهواء.

٤-وضع قطعة قماش مبللة وباردة على الرأس.

٥- أخذ حمام بارد قبل النوم.

٦-تبريد اليدين والقدمين بإبقائهما خارج الأغطية.

٧- التقليل من ممارسة الرياضة قبل النوم، لأنها تتسبب في تسارع معدل ضربات القلب وهو بدوره يبقي الجسم دافئاً لفترة أطول.

٨- وضع ألواح "جل" مبرّدة داخل السرير قبل النوم.

٩- نهايةً، فإن الروتين اليومي الذي يتضمن تناول الطعام بأوقات منتظمة والنوم والاستيقاظ بشكل منتظم، ضروري لصحة النوم بشكل عام.

اضف تعليق