بعد أشهر من احتجاجات نظمتها عائلات مسلمة في السويد بسبب تعرض أطفالها لـ"الاختطاف" من السلطات، تكشف المحامية سيو ويستربرغ، عضو اللجنة الإسكندنافية لحقوق الإنسان، عن خفايا نظام الخدمات الاجتماعية بالبلاد، وتنبه إلى الجانب المالي في المسألة.

وفي حديثها للأناضول، ترى ويستربرغ، المحامية الدولية التي كسبت 8 قضايا في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان على الخدمات الاجتماعية السويدية، أن السلطات "تختطف أطفال المسلمين، وأنهم لا يتقبلون فكرة أن لدى المسلمين طرقا أخرى للعيش".

وأسست السويد عام 1990 قانونًا يحمل اسم "قانون رعاية الشباب" (أحكام خاصة)، الذي يمنح العاملين في الخدمة الاجتماعية سلطة إبعاد الأطفال قسرًا عن والديهم.

وحسب هذا القانون، يحق للوكالات الاجتماعية إرسال موظفيها، بمساعدة الشرطة، لسحب الأطفال من منازلهم أو مباشرة من المدرسة من دون علم والديهم، من غير الحاجة إلى الحصول على إذن من المحكمة الإدارية السويدية.

ويتم نقل الأطفال مباشرة إلى منزل مخصص للتحقيق السري، أو ما يسمى بـ"دار الرعاية" أو "دار الرعاية والحضانة".

وأدى الإفلات من العقاب الذي تتمتع به الخدمات الاجتماعية السويدية إلى انتهاكات لا حصر لها لقانون رعاية الشباب، الذي يعطي أسبابًا قانونية للإبعاد القسري للأطفال.

وتعتقد ويستربرغ، وهي أيضا طبيبة سابقة، أنه "إذا كنت من الأسر المهاجرة في السويد، فإن هناك احتمالًا كبيرًا أن تأخذ السلطات الاجتماعية طفلك بعيدا عنك".

وفي ردها على سؤال عن الاحتجاجات التي تنظمها العائلات المسلمة، قالت ويستربرغ إن "الاختصاصيين الاجتماعيين يجدون أن خطف الأطفال المسلمين أكثر متعة من الجلوس طوال اليوم للاعتناء بمدمني الكحول، ومنحهم المال والملابس".

ونفت السلطات السويدية مزاعم الاختطاف، ووصفت النقاشات التي تدور على منصة "تويتر" (Twitter) بأنها "حملة تضليل"، مضيفة أن الخدمات الاجتماعية "تضع دائما سلامة الطفل ورفاهيته أولا".

تلاعب بالعقول

جاءت حليمة ماري إلى السويد من دولة غامبيا الأفريقية مع زوجها ألمامو جارجو وأطفالها، ولكن بعد بضعة أشهر فقط، جرى سحب ابنتها البالغة من العمر 6 سنوات من قبل مسؤولي الخدمات الاجتماعية.

وفي حديثها للأناضول، قالت حليمة إن المدرسة تلاعبت بعقل ابنتها بإخبارها أنهم "سيجدون لها منزلًا أفضل لأننا على الأرجح سنضربها".

في حين قال ألمامو، والد الطفلة، إن ابنته تم نقلها إلى 5 منازل مختلفة عندما كانت في سن 6 إلى 7 سنوات، بسبب تعرضها للاعتداء الجنسي من قبل الأسر الحاضنة.

وأضاف ألمامو أنه يشك في أن ابنته، البالغة حاليا من العمر 15 عامًا، "لا تزال ضحية للاعتداء الجنسي في منزلها الحالي، وأن الخدمات الاجتماعية لا تفعل أي شيء حيال ذلك".

وأفادت حليمة وألمامو أنهم رأوا ابنتهما أخر مرة منذ 3 سنوات، عندما كانت في الـ12 من عمرها، مؤكدين أن "الخدمات الاجتماعية أوقفت أي اتصال بيننا، وأنه ليس لدينا أي فكرة عن مكانها".

ويعتقد ألمامو أن عائلته ضحية للعنصرية، وأن السبب الوحيد وراء إبعاد ابنته عنهم هو "أننا مسلمون".

وتعتقد لينا هيلبلوم سوغرن، طبيبة نفسية سويدية شهيرة في مجال الطب الشرعي، أن القضاة الذين يحكمون في قضايا الرعاية الاجتماعية يفتقرون إلى الأدوات اللازمة للعمل الذي يقومون به، وأنهم ينتهكون في كل قضية التزامهم بالقانون الأساسي السويدي الذي يوجب أن يكونوا "حياديين وأن يبحثوا عن الحقائق".

وتقول سوغرن، مؤلفة كتاب "حق الطفل في الحياة الأسرية" إن النظام السويدي "غير عادل" للطفل، لأن حقوق الطفل وحقوق الإنسان والحقوق القانونية واحتياجات الطفل "يتم انتهاكها".

المال أولا

يعتقد مراقبون أن القانون السويدي لرعاية الشباب يدر مليارات الدولارات سنويا تمثل 2% من ميزانية الدولة السويدية.

وتقول ويستربرغ إن سحب الأطفال من أمهاتهم "عمل تجاري كبير جدا في السويد".

وأشارت إلى أن دور الحضانة تحصل على الكثير من المال من قبل الخدمات الاجتماعية وأنه "عندما تتبنى طفلًا في منزلك، فستحصل شهريا على 25 ألف كرونا سويدية (نحو 2522 دولارا أميركيا)، كما لا يتوجب عليك أن تدفع أي ضرائب عن هذا المبلغ".

وأضافت ويستربرغ أن "الكثير من الأشخاص المرضى الذين ليس لديهم أي مشاعر تجاه الأطفال، يتبنون طفلين أو 3، ليجمعوا دخلًا ماديًا لا يملكه سوى عدد قليل جدًا من الأشخاص في السويد".

وتابعت، "يمكنك التمتع بحياة فاخرة إذا كان لديك طفلان أو 3".

حبر على ورق

وينص القانون السويدي على وجوب وضع الأطفال أولًا مع شخص من نفس أسرهم، ولكن وفقا لسوغرن، "لا يتم اتباع هذا القانون والعديد من القوانين الأخرى في السويد".

وأضافت "يبدو القانون جيدا جدا على الورق، لكنه ليس كذلك من الناحية العملية (..) إنهم لا يتبعون القانون".

براتيما سينغ وزوجها ديفيد ماكلين تريت، أميركيان هنديان، تم سحب ابنهما ريتشارد من قبل الخدمات الاجتماعية عندما كان في التاسعة من عمره.

وقال ماكلين تريت "جاءت الخدمات الاجتماعية ترافقها الشرطة، وأخذته، ووضعته خارج ستوكهولم".

وأضاف "لمدة 10 سنوات، ونحن نترافع أمام المحاكم".

وتابع والد ريتشارد أن ابنه "أصبحت لديه رفقة سيئة، ويتعاطى المخدرات"، مشيرًا إلى أن مسؤولي الخدمات الاجتماعية سمحوا له بمغادرة دار الرعاية لأنه بلغ 18 عاما، لكنهم وضعوه في برنامج خاص بأولئك الذين يعانون مشاكل مع المخدرات أو الكحول.

وقال ماكلين تريت "لن نسامح أو ننسى أبدًا ما فعلوه في حياتنا. إنهم يفعلون ذلك فقط لكسب المال".

وتعدّ الخدمات الاجتماعية في السويد مؤسسة قوية، لدرجة أنه حتى في الحالات النادرة التي تنحاز فيها محكمة سويدية إلى جانب الأسرة وتحكم ضد قرار الخدمات الاجتماعية بأخذ الطفل بعيدا، يمكن لمسؤولي الخدمات الاجتماعية تجاوز الحكم ورفض رد الطفل لوالديه.

اضف تعليق