حذّر موقع "ماركت بليس" ي تقرير نشره قبل أيام، من تحوّل المملكة المتّحدة إلى مركز للاتجار بالقطع الأثرية بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، عقب إلغائها تشريعات تهدف إلى مكافحة هذه التجارة مع البلدان التي مزّقتها الحرب مثل سورية والعراق، حيث تتيح القوانين البريطانية استيراد الآثار من دون الحصول على إذن رسمي، كما لا يمكن إدانة أيّ شخص يتمّ القبض عليه بارتكاب جريمة سرقة الآثار إذا كان لا يعلم بتجريمها قانونياً، وهو أمر يعد مخالفاً لجميع اللوائح والأنظمة الدولية.

الحكومة البريطانية ردّت على حملات الناشطين لتغليظ العقوبة على المتاجرين بالآثار المسروقة بالادعاء أنها ملتزمة بمكافحة هذه التجارة غير المشروعة، وأن قوانينها كافية للتعامل مع هذه المشكلة، إلّا أن الناشطين أعادوا تذكيرها بأن جزءاً غير بسيط ممّا استردّه العراق من الولايات المتحدة، يتمثل بقطع أثرية تمّ تهريبها عبر لندن دون أن تطاولها رقابة صارمة.

بالعودة إلى العراق، فإن عودة آثاره المنهوبة لا تعني الكثير بالنظر إلى عدم توفّر حماية تضمن عدم تعرّضها للتخريب أو السرقة مرة أخرى، كما يوثّق ذلك تقريرٌ صحافي نُشر في آب/ أغسطس 2021 يشير إلى دفْع عدّة مئات من الدولارات فقط لشراء لوح طيني سومري يعود لثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد، ليصل إلى بيوت في أوروبا والولايات المتحدة عبر مواقع إلكترونية متخصّصة تنشر إعلانات بشكل صريح بلا خوف من رادع قانوني.

وتقّر أحدث بيانات الحكومة العراقية بأنه لا يوجد سوى أربعة آلاف رجل أمن عليهم حماية أكثر من اثني عشر ألف موقع أثريّ. ورغم ثبوت العديد من السرقات على يد عدد من العصابات، إلّا أنه لا يتمّ تجريمها بسبب امتلاكها نفوذاً واسعاً على مستوى الفصائل العراقية المسلحة وبعض القوى السياسية.

وتحوم أيضاً شكوك حول التقديرات الحكومية بوجود مئة وخمسين ألف قطعة منهوبة في ضوء التقصير المزمن بأرشفة المواقع الأثرية ومقتنياتها طوال العقدين الماضيين، وبذلك فإن مصير العديد منها لا يزال مجهولاً بسبب غياب وثائق تثبت وجودها أساساً.

بين تهرّب الدولة العراقية مِن تحمّل مسؤولياتها في حماية آثارها، وبين التلاعب القانوني والسياسي للغرب، فإن تراث أقدم حضارات العالم سيبقى رهيناً لدى المتاحف الغربية وبيوت كبار الأثرياء من المقتنين وشبكات المافيا الدولية، ناهيك عن ضياع جزء كبير بسبب انعدام الخبرة والإهمال في التعامل مع الرُّقم والألواح المسمارية.

المصدر: العربي الجديد

اضف تعليق