كشفت صحيفة نيويورك تايمز، اليوم الثلاثاء، عن آخر فصول اضطهاد المسلمين في الهند، والذي تمثل في منعهم من آكل وبيع البيض.

ونشرت الصحيفة تقريرا كتبه سوهاسيني راج من أحمد أباد تحدث عن ما يشبه الغارة وقعت بعد غروب الشمس مباشرة حيث داهم عمال البلدية بملابس مدنية الحي المزدحم واستولوا على الممنوعات ركض التجار أو راقبوا بلا حول ولا قوة بينما تأخذ السلطات بضائعهم غير المشروعة وبهذا نفذت الحكومة حملة ناجحة على البيض.

وأضاف التقرير، انه "ليس البيض فقط وانما مسؤولي المدينة صادروا المئات من صناديق البيض وانما استولت السلطات على كل شيء من عبوات غاز وخبز وخضروات وأطباق وأكواب ومقاعد قد يحتاجها المرء لتشغيل عربة طعام لبيع سندويشات البيض. ولم يتبق على الرصيف سوى قشور البيض المهشمة. اعتبر تجار عربات الطعام الذين هربوا أنفسهم محظوظين لأنهم هربوا".

وقال فيريندرا رام تشاندرا سينغ، "اكتشفنا أن الشاحنة كانت تقترب من موقعنا ركضنا إلى المنزل بعرباتنا واندفعنا بقوة وبسرعة"، مضيفا أنه يمكنه تحضير البيض بمئة وست وخمسين طريقة".

وأصبحت مكانة البيضة المتواضعة في ثقافة طعام الشارع في ولاية غوجارات، وهي ولاية في غرب الهند حيث يحب الناس وجباتهم الخفيفة، أحدث نقطة صراع في الدور المتنامي للدين في الحياة اليومية.

وفي عهد رئيس الوزراء ناريندرا مودي الذي يتمتع بقاعدة قومية هندوسية اتخذت الحكومة الوطنية خطوات في السنوات الأخيرة للترويج للدين وتهميش المسلمين وغيرهم من الجماعات.

وقد حذت الحكومات المحلية حذوها وسنت قوانين في بعض الأماكن تلتزم بشدة بالعقيدة الهندوسية. هذا صحيح بشكل خاص في ولاية غوجارات التي قادها مودي لمدة 13 عاما قبل أن يصبح رئيسا للوزراء والتي غالبا ما يُنظر إليها على أنها مختبر لدفع السياسات لإعادة تشكيل الهند وفقا لرؤيته القومية الهندوسية.

وتشمل تلك الإجراءات تشديد الحظر على الكحول وإضافة وسائل حماية من ذبح الماشية التي يعتبرها كثير من الهندوس مقدسة.

لكن حتى الهندوس المتدينين لا يتفقون دائما فيما بينهم على الممارسات التي يجب على المؤمنين اتباعها، وهو صراع يثير أيضا قضايا الدخل والطبقة. ومن هنا جاء الخلاف المرير على البيض.

وكثير من الهندوس نباتيون، لا سيما بين النخبة داخل نظام الطبقات التقليدي في الهند، وبعضهم يعتبر البيض من منتجات اللحوم.

وقال مسؤولون محليون، إنه "بناء على شكاوى من الهندوس بالإضافة إلى مخاوف صحية فإنهم قرروا حظر بيع وعرض اللحوم والأسماك والبيض في الشارع في أحمد أباد، أكبر مدن غوجارات وأربع مدن أخرى على الأقل في منتصف تشرين الثاني.

وقال راجكوت عمدة إحدى المدن لوسائل الإعلام المحلية، "يمكن رؤية عربات الطعام غير النباتية في كل مكان في المدينة هذا يؤذي المشاعر الدينية للشعب".

ولم تتوقع السلطات المحلية رد الفعل القوي في الأيام الأخيرة في مواجهة دعوى قضائية واحتجاجات، رضخ المسؤولون في أحمد آباد وسمحوا باستئناف مبيعات الطعام الممنوع سابقا في الوقت الحالي على الرغم من أن النزاع قيد النظر من قبل المحاكم.

وألقى كبار قادة حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي المتطرف الذي يتزعمه مودي والذي يهيمن على السياسة في ولاية غوجارات باللوم على المسؤولين المحليين.

وقال رئيس وزراء الولاية بوبيندرا باتيل لوسائل إعلام محلية، ان "بعض الناس يأكلون طعاما نباتيا بعض الناس يأكلون طعاما غير نباتي. ولم يكن لدى حكومة حزب B.J.P. أي مشكلة في ذلك".

ليس لدى الهند نقص في المشاعر حول الطعام. وتختلف الممارسات على نطاق واسع حسب المنطقة والطائفة. في ولاية آسام الشمالية الشرقية يتغذى الهندوس على سمك تينجا كاري وهو طبق حامض ولذيذ مُخفف بالطماطم والديلنيا الهندية. في ولاية كيرالا الجنوبية فإن جاذبية الدجاج المشوي قطع اللحم الطرية المنقوعة في اللبن الرائب ومسحوق الفلفل الأحمر  تعبر الخطوط الدينية والاجتماعية.

وتابع التقرير، انه "مع تصاعد القومية الهندوسية تصدّر الطعام عناوين الصحف فقد مئات الأشخاص وظائفهم عندما بدأت إحدى الولايات التي يقودها حزب بهاراتيا جاناتا المتطرف في شمال الهند في إغلاق المسالخ.

وتعرض المسلمون المتهمون بذبح الأبقار إلى الإعدام دون محاكمة على يد الغوغاء وفي ولاية كارناتاكا الجنوبية تعهد زعيم هندوسي بالاحتجاج على خطة بعض المسؤولين المحليين لتقديم البيض في وجبات الغداء المدرسية.

ويمكن أن تتعارض هذه المعتقدات مع الأهداف الاقتصادية للهند والأعراف الاجتماعية المتغيرة. نما استهلاك البيض في الهند بشكل كبير في السنوات الأخيرة مع دخول المزيد من العائلات إلى الطبقة الوسطى فإنهم يأكلون الآن ما معدله 81 بيضة سنويا في المتوسط.

وتابع، ان "الحكومة المركزية تتامل أن يصبح البيض مصدرا متناميا للبروتين يمكن أن يساعد ارتفاع استهلاك البيض قطاع الزراعة المضطرب في البلاد. ودعا المتنبئون الحكوميون إلى زيادة استهلاك الدجاج والبيض بما يكفي لمضاعفة دخل المزارعين ومنع سوء تغذية الأطفال.

وسعى منتجو البيض في الهند بقوة لكسب جيل جديد. في إعلان تجاري لمزارعي البيض يحل الأثر الغذائي للبيض نزاعا بين سونيل جافاسكار وراهول درافيد وكابيل ديف، ثلاثة لاعبي كريكيت هنود أسطوريين.

وترقى الحملة المناهضة للبيض إلى رد فعل من قبل الهندوس المحافظين لا سيما بين الطبقة العليا الذين يعتقدون أن استهلاك البيض يضر بالتقدم الروحي.

وقال غانشيام شاه الأستاذ المتقاعد في علم الاجتماع السياسي الذي يعيش في أحمد آباد، "يريدون أن يعتقد الناس أن الطعام النباتي هو الطعام المتحضر هذا جزء من ثقافتهم القديمة".

واضاف، إن "مسؤولي غوجارات لديهم أجندة لجعل ولايتهم الولاية الهندوسية الأولى من خلال إملاء نظام ثقافي وقيمي موحد. وبالتأكيد هناك معجبون بالحظر المفروض على البيض".

قال ناريش كانسارا المسؤول في معبد هندوسي كبير في أحمد آباد، إنه "كان من الخطأ بيع طعام غير نباتي في مكان قريب "لماذا لا يأكلون في فندق بعيدا عن الأنظار؟ لماذا هكذا بالعلن؟".

ومع ذلك تسبب حظر البيض في حدوث ضجة. أدت مصادرة العربات في تشرين الثاني/ نوفمبر إلى إثارة الباعة المتجولين الذين بدأوا في الاحتجاج خارج المكاتب الحكومية.

وهاجر سينغ عامل عربات الطعام في أحمد أباد الذي فر من حملة تشرين الثاني/ نوفمبر من ولاية بيهار الأفقر في التسعينيات خلال فترة تحرر اقتصادي. شيئا فشيئا بنى لنفسه اسما على تنوع أطباق البيض التي يصنعها.

اضف تعليق