يُصنف العراق ثانيا ضمن أكبر احتياطيات الفوسفات في العالم، إذ يقدر الاحتياطي في صحراء العراق الغربية بأكثر من 10 مليارات طن؛ وهذا يعني أنه يحتفظ بما نسبته 9% من إجمالي الاحتياطي العالمي من هذه المادة، حسب هيئة المسح الجيولوجي العراقية.

ويأتي في المرتبة الأولى المغرب باحتياطي نسبته 70%، وتأتي الصين بنسبة 5%، ثم سوريا والجزائر بنسبة 3% لكل منهما، وتليهما كل من روسيا وجنوب أفريقيا والولايات المتحدة ومصر والأردن بنسبة 2% لكل دولة، وتتذيل دولة البيرو قائمة احتياطي الفوسفات بنسبة 1%".

يقول إحسان علي صالح معاون المدير العام للشركة العامة للفوسفات إن معامل المجمع الكيميائي -الذي أنشئ عام 1978 على مساحة 3 ملايين متر مربع بعقد أولي قيمته مليار دولار- يضم معامل لإنتاج الأسمدة الفوسفاتية كمنتج نهائي، ومنها معامل استخلاص الخامات من المنجم، وتركيز الخامات، وحمض الكبريتيك، وحمض الفسفوريك، ووحدات الخدمات الصناعية، ومعامل الأسمدة والأمونيا وأملاح الفلورين، ووحدة التداول.

وصممت تلك المعامل -وفق صالح- لإنتاج مليون و250 ألف طن سنويا من سماد أحادي الأمونيوم و"سوبر فوسفات"، والأسمدة المركبة كمنتج نهائي، ويقوم بتجهيز خاماتها منجم عكاشات (غربي القائم الحدودية مع سوريا) من 5 مقالع رئيسية تحوي ترسبات خامات الفوسفات الكلسية على مساحة 50 كيلومترا مربعا تضم احتياطي يتجاوز 700 مليون طن، حيث يحتوي الخام الرئيسي للفوسفات على نسبة 20-22% من مادة خامس أوكسيد الفسفور.

وحول التوجهات الحكومية للاستغلال الأمثل للفوسفات، يتحدث صالح عن سعي مستمر لإعادة تأهيل معامل الشركة المتوقفة عن العمل والإنتاج بشكل كامل لغاية الآن، بسبب ما تعرضت له من دمار وتخريب من تنظيم الدولة الإسلامية عام 2014.

وكشف صالح عن إعداد ملف استثماري لتأهيل الشركة ومعاملها، لكن تم التريث بالموضوع لحين إجراء بعض التعديلات على قانون الاستثمار المعدني ليناسب طبيعة الاستثمار الحديث.

ويكشف نائب رئيس هيئة استثمار الأنبار عبد اللطيف الحلبوسي عن سبب توقف عقد تأهيل مصانع الفوسفات الموقع بين وزارة الصناعة والمعادن، متمثلة بالشركة العامة للفوسفات مع الشركتين التشيكية والتركية في أبريل/ نيسان2020.

يقول الحلبوسي إن جائحة كورونا السبب الرئيس بتوقف الفرصة الاستثمارية لتأهيل تلك المصانع، كما هو الحال مع جميع دول العالم التي أوقفت عمليات الإعمار والاستثمار بسبب كوفيد-19.

وأضاف أن هذا العقد التشغيلي من اختصاص وزارة الصناعة والمعادن بموجب قانون الاستثمار الصناعي النافذ المرقم 22 لسنة 1997، على مبدأ تأهيل الخطوط الإنتاجية وتشغيلها مع ضمان حقوق الموظفين.

وأشار الحلبوسي إلى أن تحريك العقد يكون عن طريق المستثمرين مع الجهات الحكومية المركزية، كاشفا عن مضي وزارة الصناعة بهذا القانون مع أغلب شركاتها الصناعية ومعاملها.

وفي موازاة ذلك، هناك جملة من الأسباب والعوامل تعيق عمليات الاستثمار الصناعي في الفوسفات يحددها الأكاديمي الاقتصادي أحمد الراوي، منها تقادم خطوط الإنتاج في معامل الفوسفات وتضررها جراء الاعتداءات من مسلحين.

وفي حديثه، أضاف أن خسارة شركة الفوسفات الكثير من كادرها الفني صاحب الخبرة الصناعية العالية نتيجة قانون التقاعد المعدل عام 2019 يعد سببا آخر يعيق تطوير معامل الفوسفات، كما أضاف إليه العامل السياسي الذي يقف -حسب قوله- ضد نجاح أي استثمار، فضلا عن التدخلات الخارجية والإقليمية بالقرار الاقتصادي العراقي.

حول المردودات المالية من استثمار الفوسفات، يوضح المهندس الاستشاري فؤاد الدجيلي أن الإنتاج وصل لأكثر من مليون طن سنويا من الأسمدة في ثمانينيات القرن الماضي، مشيرا إلى أنه لو تم احتساب سعر طن الفوسفات الخام الذي ارتفع من 60 دولارا في فبراير/شباط الماضي إلى 152 دولارا خلال يوليو/تموز 2021 فإن ذلك سيدر على الموازنة أموالا طائلة، على اعتبار تقدير الاحتياطي نحو 10 مليارات طن وبالسعر المتوسط 140 دولارا للطن الواحد، فإن المخزون الاحتياطي تصل قيمته تريليون و400 مليار دولار.

وأضاف الدجيلي أن استخراج مادة الفوسفات بمعدل 100 مليون طن سنويا وبسعر بيع 140 دولارا للطن الواحد سيوفر 14 مليار دولار، وهو ما يشكل من 9% إلى 12% من حجم الموازنة العامة للعراق.

ويؤكد الدجيلي أيضا على ضرورة الاستغلال الأمثل لمادة الفوسفات في مشتقات الصناعة والزراعة داخل العراق، مع تصدير الفائض منه إلى الخارج.

ويستدرك الدجيلي قائلا إن سعر السماد "دي أي بي DAP" (اختصارا لفوسفات ثنائي الأمونيوم) يعد أكثر الأسمدة الفسفورية استخداما في العالم، إذ ارتفع سعر الطن الواحد من 325 دولارا إلى 705 دولارات، مما يشكل مردودا ماليا يساوي 4 أضعاف سعر طن الفوسفات الخام.

حول ذلك يجيب الاستشاري الأكاديمي والصناعي مؤيد كاصد جلهوم بأن عودة معمل القائم لإنتاج الأسمدة الزراعية الفوسفاتية -أكبر معمل كيميائي في العراق والشرق الأوسط – للعمل سينتج 400 ألف طن سنويا.

ويضيف جلهوم٠ أن هذا قد يحقق عوائد مالية بنحو 282 مليون دولار قابلة للزيادة أو النقصان، حسب حاجة الأسواق العالمية، في حين يتوقع بأن يكون إجمالي الدخل السنوي المتوقع من هذا النشاط أكثر من 400 مليون دولار، وذلك بإضافة إنتاج حمض الفسفوريك ومنتجات تعدينية أخرى تصل لأكثر من 9 عناصر مختلفة بعضها نادر.

ويؤيد جلهوم إنتاج مشتقات زراعية وصناعية من الفوسفات وهي كبيرة نتيجة ضعف الإنتاج السنوي للفوسفات الخام.

وبخصوص عمل هيئة استثمار الأنبار المحلية -وفق الحلبوسي- فإنها تعمل بموجب قانون الاستثمار العام رقم 13 لسنة 2006 المعدل، والذي يشمل قطاعات مختلفة، وضمن المحددات المالية لا تقل عن 250 ألف دولار ولا تزيد عن 250 مليون دولار.

وأضاف أن العديد من الشركات المحلية والأجنبية تقدمت للاستثمار في المحافظة بموجب هذا القانون، وقد وصل عدد الفرص الاستثمارية المختلفة إلى 225 فرصة استثمارية، إضافة إلى طلبات كثيرة بمختلف القطاعات في طور إكمال المتطلبات.

وختم الحلبوسي حديثه بأن الأنبار أرض خصبة لجميع أنواع الاستثمار نتيجة توفر جميع المقومات، كاشفا عن أن الحكومة المحلية الحالية في طور إعداد خارطة استثمارية وفق خطة خمسية، من أجل أن يرتقي الاستثمار إلى مستوى الطموح.

المصدر: الجزيرة نت

اضف تعليق