يتساءل الخبراء عمّا إذا كان الهدف طويل الأمد المتمثّل في تحقيق مناعة القطيع ضد فيروس كورونا من خلال التطعيم لا يزال قابلاً للتطبيق خصوصا مع استمرار الإنتشار الكبير لسلالة دلتا.

وتتحقّق مناعة القطيع عندما يتم تلقيح نسبة معيّنة من سكان العالم ضد أحد مسبّبات الأمراض أو التعافي من العدوى. ولكن تُثار التساؤلات حول ما إذا كان يمكن تحقيقها في حالة وباء كورونا، مع ظهور سلالات جديدة للفيروس؟

"إذا كان السؤال هو هل سيسمح لنا التطعيم وحده بالسيطرة على الوباء؟" قال عالم الأوبئة ميرسيا سوفونيا لوكالة فرانس برس إنّ الجواب "لا".

وأضافت أنّ مناعة القطيع تعتمد على عاملَين أساسيَّين هما: عدوى الفيروس وفعاليّة اللّقاحات.

وأظهرت الأبحاث أنّ سلالة دلتا لفيروس كورونا أكثر قابلية للإنتقال بنسبة 60٪ تقريبًا من سلالة ألفا، ونحو ضعف انتشار السلالة الأصليّة للفيروس، التي ظهرت في أواخر عام 2019.

وأكّد الباحثون أنّه كلّما أصبح الفيروس أكثر فاعليّة في إصابة الناس، ارتفعت عتبة مناعة القطيع.

وقال عالم الأوبئة أنطوان فلاهولت: "من الناحية النظرية، إنّها عمليّة حسابيّة بسيطة للغاية". وأضاف أنّه بالنسبة للفيروس الأصلي، الذي كان معدّل تكاثره بين صفر وثلاثة، ممّا يعني أنّ كل شخص مُصاب يصيب ما يصل إلى ثلاثة آخرين، كان من الممكن تحقيق مناعة القطيع مع تحصين حوالي 66 بالمئة من الناس".

وتابع "لكن إذا كان معدّل التكاثر ثمانية، كما هو الحال مع دلتا، فإنّ ذلك يجعل مناعة القطيع مع تحصين 90٪".

أمر مستحيل

بحسب البيانات التي نشرتها السلطات الأميركيّة هذا الأسبوع، انخفضت فعاليّة لقاحَي فايزر ومودرنا في الوقاية من العدوى من 91 بالمئة إلى 66 بالمئة منذ أن أصبحت سلالة دلتا هي السائدة.

وقد أظهرت الدراسات أنّ فعالية اللّقاح ضد دلتا تنخفض بمرور الوقت، ممّا دفع العديد من دول العالم إلى الإعلان عن إعطاء الناس جرعة ثالثة معزّزة من اللّقاح.

وذكر سوفونيا أنّه في غياب التدابير الصحية الأخرى مثل ارتداء الأقنعة أو التباعد الإجتماعي فإنّ الأمر سيحتاج إلى تحصين 100 ٪ من الناس من أجل ضمان نهاية انتقال العدوى وهو أمر مستحيل.

"ولكن حتى لو لم يعد الحلم الأسطوري للوصول إلى مناعة القطيع قائمًا، فإنّ الحصول على اللّقاح يظلّ مهما جدًّا"، كما قال مدير مجموعة أكسفورد للّقاحات البريطانية، أندرو بولارد.

وكما هو الحال مع اللّقاحات ضد الأمراض الأخرى المستوطنة حاليًا مثل الحصبة والإنفلونزا، تُوفّر لقاحات كورونا حماية ممتازة ضد الأعراض الشديدة للفيروس.

وقال فلاهولت: "ما يوصي به العلماء هو حماية أكبر عدد ممكن من الناس من خلال التطعيم". وتابع "في النهاية، بالطبع، تنتهي كل الأوبئة".

وأكّد سوفونيا أنّه لا يزال من الممكن أن يتحوّل مرض كوفيد إلى مرض متوطّن بمرور الوقت.

ويتصوّر العلماء أنّه حتى مستقبل قريب سيستمر الناس في استخدام الأقنعة والتباعد الإجتماعي في مناطق معيّنة من أجل الحد من إنتقال المرض.

وقال فلاهولت: "أثناء جائحة الإيدز، عندما قال العلماء إنّنا بحاجة إلى ارتداء الواقي الذكري، قال الكثير من الناس: حسنًا، سنفعل ذلك لفترة من الوقت. وفي النهاية استمروا في استخدامه. من الممكن أن نستمر في استخدام الأقنعة في الأماكن المغلقة وفي وسائل النقل لبعض الوقت".

المصدر: وكالات

اضف تعليق