تمكنت قوات تابعة للمشير الليبي خليفة خفتر، اليوم الجمعة، من السيطرة على قرية على بعد 40 كيلومترا جنوب طرابلس، وبدأت الاشتباكات في المناطق العسكرية الثلاث: الغربية والوسطى ومنطقة طرابلس.

وتأتي التطورات العسكرية وسط نزوح جماعي لمواطنين من المناطق الواقعة على الطريق الرابط بين غريان وطرابلس، وفق مراسل "أصوات مغاربية".

 وطردت قوات من مدينة الزاوية متحالفة مع حكومة الوفاق "الجيش الوطني الليبي" من حاجز أمني يبعد 27 كيلومترا غرب طرابلس بعد ساعات من سيطرته عليه.

من جهته أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عقب لقائه قائد "الجيش الوطني الليبي"، المشير خليفة حفتر، عن قلقه العميق من الوضع في ليبيا، آملا بتفادي مواجهة دامية في طرابلس.

وقال غوتيريش، في تغريدة نشرها على حسابه الرسمي في موقع "تويتر" بعد اللقاء مع حفتر المنعقد في قاعدة الرجمة قرب مدينة بنغازي شرق البلاد: "أغادر ليبيا وقلبي مفعم وأشعر بقلق عميق. إنني لا أزال آمل بإمكانية تفادي مواجهة دامية في طرابلس ومحيطها".

وأضاف غوتيريش: "إن الأمم المتحدة متمسكة بمساعدة التسوية السياسية، كما هي متمسكة، وأيا كانت تطورات الأحداث، بدعم الشعب الليبي".

ووصل غوتيريش إلى الرجمة بعد أن عقد خلال اليومين الماضيين لقاءين مع كل من رئيس المجلس الرئاسي التابع لحكومة الوفاق الوطني، فايز السراج، في طرابلس، ورئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح عيسى، في طبرق، وذلك على خلفية تصعيد التوتر في ليبيا مع انطلاق عملية قوات حفتر للسيطرة على عاصمة البلاد.

وقال غوتيريش، عبر حسابه الرسمي في موقع "تويتر"، خلال انتقاله من طبرق إلى بنغازي، في وقت سابق من اليوم: "لا يزال هدفي يكمن في تحقيق تجنب المواجهة العسكرية. أجدد أنه لا حل عسكريا للأزمة في ليبيا ولا يمكن تسويتها إلا سياسيا".

وفي ظل هذه التطورات يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا طارئا مساء الجمعة بناء على طلب بريطانيا لبحث التطورات في هذه البلاد الغنية بالنفط، وذلك وسط دعوات دولية إلى ضبط النفس ومنع اندلاع مواجهة عسكرية حادة.

اوروبا تتوجس

جدد الاتحاد الأوروبي، اليوم الجمعة، قلقه إزاء التطورات العسكرية الأخيرة في ليبيا، محذرا أطراف النزاع المسلح في هذا البلد من خطورة تصعيد الوضع.

وفي موجز صحفي في بروكسل، قالت مايا كوسيانتشيتش، الناطقة باسم رئيسة الدبلوماسية الأوروبية، فيديريكا موغيريني: "تقلقنا جدا التطورات العسكرية في ليبيا وهذه الخطابات والتصعيد الذي من شأنه أن يقود إلى مواجهة قد تخرج عن نطاق السيطرة".

وأضافت: "نحث جميع الأطراف على الشروع في خفض التصعيد والامتناع عن أي استفزازات، كما أننا لم نكف أبدا عن القول إنه لا حل عسكريا للأزمة الليبية".

وذكرت كوسيانتشيتش بأن موغيريني، شاركت في اجتماع رباعي حول ليبيا عقد يوم 30 مارس، في تونس، بحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، والأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فقي محمد.

واليوم الجمعة أيضا، أبدت دول أوروبية عدة، قلقها إزاء التصعيد الأخير في ليبيا على خلفية تقدم القوات التابعة للمشير خليفة حفتر، نحو العاصمة طرابلس.

وأعلن وزير الخارجية البريطاني، جيرمي هانت، أن تقدم قوات شرق ليبيا ("الجيش الوطني الليبي") بقيادة خليفة حفتر صوب العاصمة طرابلس يبعث على القلق البالغ.

وقال هانت، خلال مؤتمر صحفي مع وزيرة خارجية كندا، كريستيا فريلاند: "نتابع الوضع في ليبيا عن كثب وبكثير من القلق ونسعى لزيادة التأثير الأوروبي والبريطاني إلى أقصى حد". 

وأكد الوزيران أن زحف حفتر نحو العاصمة سيكون موضع نقاش بين وزراء خارجية مجموعة الدول السبع الكبرى - G7.

من جهتها، أعربت الحكومة الألمانية عن قلقها الشديد تجاه التصعيد الأخير في ليبيا، داعية جميع الأطراف إلى خفض التوتر. وفي موجز صحفي، جدد المتحدث باسم الحكومة الفدرالية، شتيفن زايبرت، موقف برلين القائل إن الأزمة الليبية لا حل عسكريا لها، وأعرب عن دعم بلاده للجهود التي يبذلها الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ومبعوثه الخاص إلى الشأن الليبي، غسان سلامة، لوقف التصعيد.

 وأضاف أن ألمانيا تحث "المسؤولين على وقف العمليات العسكرية والامتناع عن الخطابات التي من شأنها أن تتسبب في تصعيد التوتر".

 أما إيطاليا فأوردت مصادر في وزارة داخليتها، اليوم الجمعة، أن نائب رئيس الوزراء، وزير الداخلية، ماتيو سالفيني، أجرى اتصالا هاتفيا مع نائب رئيس المجلس الرئاسي في حكومة الوفاق الوطني الليبية، أحمد معيتيق. وذكرت المصادر أن سالفيني طرح أيضا موضوع التطورات الأخيرة في ليبيا أثناء اجتماع لوزراء داخلية دول الاتحاد الأوروبي، انعقد في باريس اليوم، داعيا الشركاء إلى بذل كل الجهود الممكنة لتسوية الوضع في ليبيا وإعادته إلى استقراره.

وأفاد مصدر في الداخلية الإيطالية بأن سالفيني بحث هذا الموضوع أثناء لقاء ثنائي جمعه في باريس مع نظيره الفرنسي، كريستوف كاستانير، مضيفا: "هناك إجماع على ضرورة وقف الزحف العسكري (لقوات "الجيش الوطني الليبي") ومنع إراقة الدماء".

كما أعرب كل من رئيس الوزراء الإيطالي، جوزيبي كونتي، الذي استنكر الأعمال العسكرية التي "لا يمكن أن تسهم في الخروج من الأزمة"، ووزير الخارجية، إينزو موافيرو ميلانيزي، أعربا أيضا عن قلقهما من الوضع الراهن في ليبيا.

ابو الغيط يدعو لضبط النفس

دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، كافة الأطراف الليبية إلى ضبط النفس، والقيام على الفور بخفض حالة التصعيد الميدانية الناتجة عن التحركات العسكرية الأخيرة.

وأشار أبو الغيط إلى ضرورة خفض التصعيد في المناطق الغربية من البلاد والالتزام بالمسار السياسي، باعتباره السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة في ليبيا. 

وصرح المتحدث الرسمي باسم الأمين العام محمود عفيفي، بأن أبو الغيط "تابع بقلق بالغ التطورات الأخيرة وما صاحبها من تجدد للقتال والاشتباكات المسلحة التي تشهدها الساحة الليبية، في الوقت الذي كان فيه المجتمع الدولي يركز جهوده على مرافقة الأشقاء الليبيين من أجل الانخراط بجدية في العملية السياسية التي يرعاها المبعوث الأممي غسان سلامة لعقد الملتقى الوطني في غدامس والتوصل إلى توافق وطني عريض لاستكمال المرحلة الانتقالية".

وأضاف المتحدث الرسمي أن أبو الغيط، "شدد على أنه لا يوجد أي حل عسكري للوضع الليبي، على النحو الذي أعادت القمة العربية الأخيرة في تونس التأكيد عليه".

وطالب كافة الأطراف بالامتناع عن أية تصرفات تقود إلى إزكاء الصراع أو تزيد من حالة الفرقة بين أبناء الشعب الليبي، والعودة إلى الحوار الهادف إلى التوصل لتسوية وطنية خالصة لإخراج البلاد من الأزمة التي تعيشها عبر التوافق على الخطوات والاستحقاقات المتبقية لتوحيد مؤسسات الدولة وإتمام عملية الانتقال الديمقراطي السلمي الذي ينشده الشعب الليبي.

تونس تعلن حالة الطوارئ

أعلنت السلطات التونسية حالة الطوارئ في كامل أنحاء البلاد لمدة شهر، معربة عن قلقها من التطورات الأخيرة في ليبيا.

وذكرت رئاسة الجمهورية على صفحتها في "فيسبوك" أن مجلس الأمن القومي اجتمع اليوم بإشراف الرئيس الباجي قايد السبسي، واستعرض تطورات الأوضاع الأمنية المحلية والإقليمية والدولية، وخاصة مستجدات الوضع في ليبيا.

وأكد المجلس على "خطورة ما آلت إليه الأحداث في هذا البلد الشقيق وضرورة تفادي التصعيد والتسريع بإيجاد حل سياسي مبني على الحوار بين كافة الأطراف".

هذا وأكدت وزارة الخارجية التونسية في وقت سابق اليوم، أنها تتابع بأهمية بالغة التطورات الخطيرة للأوضاع في ليبيا، معربة عن قلقها العميق لما يدور حاليا في هذا البلد الجار.

ودعا بلاغ وزارة الخارجية "جميع الأطراف في ليبيا إلى التحلي بأعلى درجات ضبط النفس وتفادي التصعيد الذي من شأنه أن يزيد في تعميق معاناة الشعب الليبي الشقيق، ويهدد انسجامه ووحدة أراضيه".

اما الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي فقد اعربت عن قلقها من التصعيد العسكري الحالي في العاصمة الليبية طرابلس، وحثت جميع الأطراف على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس.

وحذرت منظمة التعاون الإسلامي الأطراف الليبية من "أن أي تصعيد مسلح قد يؤدي إلى فوضى عارمة تهدد الأمن والسلم وإجهاد عملية المصالحة الشاملة في البلاد".

ودعت إلى تضافر جهود الجميع والعمل سويا "من أجل الحفاظ على أمن واستقرار ليبيا وجعل المصلحة العليا لليبيا ووحدة شعبها وأرضها فوق كل الاعتبارات".

وشددت على أن "الحوار هو السبيل الوحيد لحل الخلافات"، مؤكدة مساندة منظمة التعاون الإسلامي لجهود الأمم المتحدة الهادفة إلى تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة في ليبيا من خلال تشجيع الحوار الوطني.

ويوم الخميس، أعطى القائد العام لـ"الجيش الوطني الليبي"، المشير خليفة حفتر، أمرا ببدء تقدم قواته نحو العاصمة طرابلس (مقر حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا)، من أجل تحريرها من قبضة "المليشيات الإرهابية"، حسبما قال.

من جهته، أمر رئيس المجلس الرئاسي الليبي، فايز السراج، القوات التابعة لحكومة الوفاق بالبقاء على أهبة الاستعداد الكامل، معطيا السماح باستخدام الطيران الحربي التابع لحكومته لحماية المدنيين والمنشآت الحيوية في طرابلس.

وتتنازع سلطتان منذ أعوام الحكم في ليبيا الغارقة في الفوضى. وهناك حكومة الوفاق الوطني برئاسة السراج، في غرب البلاد ومقرها طرابلس، وتوجد سلطة موازية في الشرق يسيطر عليها "الجيش الوطني الليبي" بقيادة حفتر.

اضف تعليق