بغداد /سوزان الشمري

في الوقت الذي يحتدم الصراع السياسي استعدادا للانتخابات البرلمانية وتقاسم المناصب والمال، هناك صراع من نوع اخر عنوانه العمل من اجل البقاء.

اذ وعلى بعد امتار بسيطة من مركز الحكومة العراقية بالعاصمة بغداد تواجه السواعد الهاربة من البطالة في مهنة غسيل السيارات حربا شرسة لاستحصال لقمة العيش.

شيبة وشباب وصبية افترشوا ارصفة الشوارع المتهالكة، يرتجفون بسبب برد الشتاء من اجل بضعة دنانير تسد رمق الجوع وتبقيهم على ذمة الحياة.

فشارع قناة الجيش بجانب الرصافة كان شاهد على عشرات القصص التي لم ينصف اصحابها بحق العيش بكرامة في بلد الموازنات الانفجارية.

علي كريم شاب يمتلك من القيافة العلمية والثقافية ما يؤهله ليكون في موقع يليق بشهادة تخرجه التي طويت في درج خزانته في بيت الصفيح الذي يسكنه مع عائلته المتكونة من تسع اشخاص، لكن لعب الورق الاخضر "الدولار" كما يقول كريم جعله خارج المراكز الحكومية في التعيين لترميه في كنف مهنة من لا مهنة له وهي غسل السيارات. 

وقال كريم لـوكالة النبأ للأخبار، "تخرجت من كلية الهندسة بعد معاناة طويلة طرقت كل الابواب لاستحصل فرصة عمل لكني اصطدم بكل مرة بما بين (5000-9000) دولار كرشوة للتعين".

كريم يضع نهاية حلم المستقبل الزاهر بعتبة رصيف في شارع القناة حيث استبدل مسطرة التخطيط الهندسي بالإسفنجة والزاهي تحت عنوان غسل سيارات بمؤهل جامعي. 

يوسف عدنان طفل لم يتجاوز التسع سنوات من عمره ترتجف اصابعه الصغيرة بردا وهو يحتضن احدى السيارات للغسل فيما يركن على احد الارصفة حقيبته المدرسية.

يقول يوسف اتناوب مع اخي الاكبر العمل بين الصباح والمساء لأعيل امي واخوتي الصغار بعد اختفاء والدي  في احدى انفجارات بغداد.

ويشتكي يوسف بعيون دامعة التنافس في الحصول على غسل سيارة بمبلغ خمسة الاف دينار، بسبب كثرة العاملين في هذه المهنة ليصل الامر بحسب يوسف الى ضربه او مشاركة احد المتسلطين فيما يتقاضه اذ كانت الندوب المطبوعة على وجه وأصابعه توثق معاناته.

ويعزو متخصصين في مجال الاقتصاد الى "ثلاثية الفساد، والإرهاب، والصراعات"، التأثير في صناعة الفقر وتفجير أحزمته في مراكز المدن وضواحيها.

الفقر وارتفاع معدلاته اكدته وزارة التخطيط حيث كشفت عن ارتفاع نسبة الفقر في البلاد الى 30% خلال العاميين الماضيين 2016-2017.

وقال عبدالزهرة الهنداوي المتحدث باسم وزارة التخطيط في تصريحات صحفية سابقة إن "التقديرات تشير الى أن نسبة الفقر بالعراق قد ارتفعت الى 30% خلال العام الماضي 2016 بعد ان كانت 22% في آخر مسح أجرته وزارة التخطيط في العام 2014".

واضاف "وصلت نسبة الفقر بالعراق وصلت الى 13% في العام 2013 الا انها ارتفعت الى 22% خلال العام 2014 بعد احتلال تنظيم (داعش) لعدد من المحافظات، اضافة الى انخفاض اسعار النفط بالأسواق العالمية الذي فاقم من حدة الفقر بالعراق".

واعترفت وزارة التخطيط في الـ(12 من أيار 2013)، بفشل الخطة الخمسية التي وضعتها عام 2010 للسنوات (2010-2014)، التي تهدف إلى تقليل الفوارق بين مناطق الحضر والريف، وزيادة الناتج المحلي، فيما اكدت أن العراق لايزال بعيداً عن الحدود التي رسمتها الأمم المتحدة.

يذكر أن وزارة التخطيط، أعلنت في (حزيران 2011)، عن بلوغ نسبة مستوى الفقر في العراق (23%)، ما يعني أن ربع سكان العراق يعيشون دون خط الفقر، منهم ما يقرب من (5%) يعيشون في مستوى الفقر المدقع، في حين أشارت في الثالث من حزيران 2012، إلى أن إحصاءاتها أكدت أن نسبة البطالة في المجتمع العراقي بلغت (16) بالمئة. انتهى /خ.

اضف تعليق