الضربة المرتدة التي ووجها رئيس الوزراء حيدر العبادي في حسم قضية المناطق المتنازع عليها عقب استفتاء اقليم كردستان الذي دعا اليه رئيس اقليم كردستان المنتهية ولايته كانت بمثابه الهدف الذهبي الذي حسم مباريات توقعها الكثيرون بــ "الشرارة" التي ستشعل فتيل معركة وقوها انباء الوطــن الواحد ،لكن الرياح لم تأتي بما كان متوقع لها بحسب "بحسب ما يؤشره محللون سياسيون ومراقبين ".

فالمباغتة السياسية ،والتسلح بالقانون،وفرض السيادة الوطنية رجعت كفه العبادي في كسب التأييد الاقليمي والدولي ، ليربح النزال الوطني وليمثل الشخصية الاكثر شعبية في المحيط الداخلي العراقي .

اذ وصف المحلل السياسي واستاذ الاعلام الدولي في كلية الاعلام محمد فلحي ما جرى في كركوك كشف بأن" الحكومة الاتحادية برئاسة العبادي قد واجهت ازمة الاستفتاء وتداعياتها بحكمة ومرونة واتزان في حين تميز موقف البرزاني وفريقه بالجمود والتصلب دون مراعاة المتغيرات الوطنية العراقية والاقليمية والدولية!

واضاف فلحي لــ(النبأ للأخبار) بأن" دخول البيشمركة قبل اكثر من ثلاث سنوات الى المناطق المتنازع عليها ومن ضمنها كركوك تحت غطاء داعش كان تصرفا يفتقر الى الحكمة في وقت صعب تطلب صبرا بلا حدود من قبل الحكومة الاتحادية من اجل الاحتفاظ بالشراكة السياسية وتغليب المصلحة الوطنية."

فلحي اشار الى أن " الاستفتاء كان مغامرة او مقامرة غير محسوبة النتائج، وكانت مراهنة البرزاني على مداعبة الحلم التاريخي للكرد، من اجل الحصول على دور بطولي في ظل بيئة سياسية جديدة لا تسمح بالقرارات الفردية والعائلية والقبلية، وعندما خسر ذلك الرهان راح يوزع تهم الخيانة على الشركاء والحلفاء!

مشددا على ان" كركوك مدينة عراقية متعددة متنوعة،لم تتقبل التعريب الاجباري الصدامي ولا التكريد البرزاني، وفي كلتا الحالتين تهاوت عروش الوهم وسقطت الصور المصطنعة الزائفة."

مؤكداً بأن "العبادي قد عبد الطريق لمرحلة جديدة في العلاقة بين المركز والاقليم، وفرض على الجميع اعادة قراءة الدستور وتطبيقه او تعديله من خلال الحوار وليس فرض الارادات والابتزاز واللعب في الوقت الضائع".

وتابع : ما جرى في كركوك يشبه الى حد بعيد سيناريو انهيار نظام صدام عام 2003..الشعوب لا تحمل السلاح وتقاتل من اجل الدكتاتور وانتهت اللعبة بان يربح العبادي وليمثل الشخصية الأكثر شعبية"

فيما اشار المحلل السياسي محمد الهماشي الى أن " بعض القيادات الكردية ذات النزعة الانفصالية لم تستطيع من تحقيق مبتغاها في ان تكون قوة مسيطرة على حكومة بغداد ضنا منها ان حكومة العبادي كسابقتها من الحكومات تراهن على الخيار العسكرية لرفض القانون او للامتثال لأوامر الحكومة المركزية كما فعل السيد المالكي الذي استخدم فرض القانون بالقوة وخلقت حوله هالــة كبيرة من الاعداء" .

واضاف الهماشي لـ" النبأ للأخبار" ان دخول قوات الشرطة الاتحادية مدعومتا بقوات مكافحة الاٍرهاب تحت مضلة القانون تجلى ذلك واضحا في كيفية استخدام الدستور بخطوات ثابته رغم كل الصعاب السياسية والأمنية والاقتصادية التي يمر بها البلد تساندها تصريحات العبادي ان القوات المسلحة وهي المسؤولة عن امن العراق بكل مواطنيه وبالتالي كسب ثقة المجتمع الدولي ".

الهماشي اوضح بان "العبادي كسب التأييد الشعبي نتيجة لعدم خضوعه للمساومات السياسية بعد ان تعود الكرد على المساومات مع الحكومات السابقة عبر استخدام الدستور بطريقته التراتبية رغم ان مسعود البارزاني حاول استفزاز حكومة بغداد لجرها لصدام المباشر لنيل عطف المجتمع الدولي ، وإظهار الكرد كأقلية مضطهدة من قيل الحكومة" .

موكداً بان " سياسة العبادي كانت واضحة في التعامل مع أزمة الاستفتاء عبر فهم الكرد بشكل كبير والتركيز على نقاط ضعفهم فكان قرار اقالة محافظ كركوك اول انتصار لحكومة المركز وبعدها قرار ادارة الموارد المالية والاقتصادية وفق الدستور الامر أربك الأكراد بشكل افقدهم صوابهم وخاصة انهم يَرَوْن قوتهم في السيطرة على الموارد الاقتصادية متناسين القوة السياسية التي يمنحها الدستور".

وتوقع الهماشي بان " مباغته السياسة بقوة القانون جعلت الكرد الْيَوْمَ يعيدون حساباتهم بعلاقتهم بالمجتمع الدولي و حكومة المركز وحجمهم الطبيعي بنسبة للعراق كونهم جزء من العراق ،و تحت قيادة حكومة المركز في بغداد".

مشبها ً مغامرة الاستفتاء الكردية بزعامة البارزاني بقصة الارنب والاسد وكيف استطاع العقل التغلب على العضلات والابتعاد عن الخطابات النارية التي أتسم بها العبادي التي رسمت الصورة الحقيقية لرأي العام الإقليمي والعالمي لمغامرات الكرد على حساب العراق مما أكسبه الدعم الشعبي الإقليمي والدولي وجعل مسعود البرزاني في عزلة سياسية كبيرة".

 

سوزان الشمري/ بغداد

اضف تعليق