نشرت صحيفة القدس العربي مقالا للكاتب الصحفي الجزائري توفيق رباحي، حول الازمة الخليجية بعنوان "هنيئا لاعداء السعودية بالسعودية"، اكد الكاتب فيه ان الرياض تتصرف دائما بما يضر مصالحها. 

وقال الكاتب "الآن والأزمة في الخليج تتجه نحو تطبيع العداء والتسفيه السياسي (من طرف المحور السعودي)، أصبح من الواجب طرح علامات استفهام حول الدبلوماسية السعودية. لماذا؟ لأنها طيلة السنوات الأخيرة، لا تفعل إلا ما هو متناقض مع مصالحها ويخدم أعداءها".

وتابع "جلبت الأمريكيين والبريطانيين في 2003 لانتزاع العراق من صدام وأبنائه وسلمته لعدوها، الاستراتيجي والمذهبي، الأزلي: إيران. (اقرأوا كتاب الصحافي الأمريكي المخضرم بوب وُدوُرد «خطة هجوم» لتكتشفوا الدور الخطير الذي لعبته السعودية بواسطة الأمير بندر بن سلطان، في جلب الاحتلال الأمريكي للعراق، والذي لو اطلع عليه العرب لكفروا بالمملكة إلى الأبد)".

مضيفا "لعبت دوراً بارزا لانتزاع سوريا من آل الأسد، ثم ساهمت في التنازل عنها قِطَعا، واحدة لـ»داعش» وأخرى لأمريكا وثالثة لإيران وحزب الله ورابعة لروسيا، وهكذا".

وزاد في القول "زجَّت بنفسها في مستنقع اليمن فتركته خرابا، وهي تواجه اليوم حرب استنزاف يومية بمناطقها الجنوبية. ناهيك عن أنها خسرته لصالح الإمارات وإيران التي تسلمت اليمن من دون طلقة نار واحدة".

واردف الكاتب الجزائري قائلا "تنمّرت على قطر فجلبت إيران وتركيا إلى حدودها في زمن قياسي".

مبينا "افتعلت (السعودية) هذه الأزمة غير المسبوقة مع قطر، بينما مجلس التعاون الخليجي في أفضل حال من التناغم والوفاق. ثم أدارتها بالتهديد والوعيد مثل إمبراطورية النمسا تجاه صربيا عقب اغتيال ولي عهدها في شوارع سراييفو في 1914 (من عجائب الصدف أن الأزمة حدثت في مثل هذا الشهر، والنمسا أمهلت صربيا عشرة أيام غير قابلة للتفاوض لتسليم القاتل. تبعَ ذلك نشوب الحرب العالمية الأولى مع كل الفظاعات التي شهدتها)".

واضاف "نظريا، إيران هي العدو الوجودي للسعودية. لن تنام لحكام المملكة عينٌ وإيران قوية ومستقرة. نظريا أيضا، تركيا هي العدو الثاني للمملكة لأن على رأسها منظومة حكم على نقيض عقائدي مع كل ما هو سعودي. لكن، عمليا، لم يخدم أحد التوسع الإيراني، في العقدين الماضي والحالي، كما فعلت الدبلوماسية السعودية. ولا أحد يخدم الأطماع التركية الإقليمية، منذ وصول الإسلاميين إلى حكم تركيا، كما تفعل الدبلوماسية السعودية".

واشار رباحي الى ان "المطالب الثلاثة عشر، الركيكة والتي أصبحت من الماضي، أضرت بأصحابها وحدهم. فالمطلب المتعلق بنشر التطرف والإرهاب، يسلط الضوء على الدور السعودي في نشر الوهابية في البلدان الفقيرة طيلة عقود تحت غطاء بناء المساجد والمساعدات الخيرية، وعلى عشرات الدعاة السعوديين الظلاميين الذين ترعاهم حكومة بلادهم. ويذكّر الناس بأن حركة طالبان الأفغانية سادت وبادت ولا تعترف بها إلا ثلاث دول فقط، هي السعودية والإمارات وباكستان".

واوضح "أما مطلب تخفيض العلاقات مع إيران فيسلط الضوء على دبي ودورها الحاسم في بقاء الاقتصاد الإيراني على قيد الحياة رغم الحصار الغربي. ويذكّر الناس بأن مصر لا تُكنّ أي عداء لإيران، بل رفضت السماح لبعض برلمانييها حضور مؤتمر «مجاهدي خلق» المعارضة في باريس الأسبوع قبل الماضي".

وتابع قائلا ان "مطلب غلق قناة «الجزيرة» سلّط الضوء على قنوات الدجل الديني الممولة سعوديا، وعلى «العربية» و»سكاي» و»مهنيتهما» المثيرة للضحك. أرادوا تصفية «الجزيرة» فإذا بهم يجلبون لها تعاطفا دوليا لم تحلم به، ونظموا لها حملة ترويج وعلاقات عامة عالمية كانت ستنفق عليها الملايين. كانت السعودية والإمارت مستورتين تمارسان ما يحلو لهما من بلطجة ومظالم إقليمية في صمت وبلا حسيب. لكنهما اختارتا افتعال أزمة عَرَّتهما. بفضل هذه الأزمة تعاطفت كبريات الصحف ووسائل الإعلام العالمية مع قطر و»الجزيرة» («نيويورك تايمز» و»فورن بوليسي» في الولايات المتحدة، «غارديان» و»تايمز» و»إندبندنت» و»إكونومست» في بريطانيا، «إل باييس» الأسبانية، «لوفيغارو» الفرنسية.. إلخ)".

ولفت رباحي الى انه "بافتعالهم هذه الأزمة ألّب السعوديون والإماراتيون عليهم الرأي العام في دول عربية بعيدة، لم تكن بالضرورة على ودّ مع قطر. وبهذه الأزمة أعادوا لـ»الجزيرة» وهجها الذي لا يكتمل من دون حرية وجرأة في التعاطي مع الشأن السعودية".

واكمل الكاتب الجزائري "قد يتوجب القول إن التعاطف مع قطر كان مدفوعا بكون من يقذفها بالطوب هو آخر من يحق له توجيه تلك الاتهامات. ولذا ترتب عن هذه الأزمة أن اكتشف العالم أن الإمارات دولة مارقة تهوى الأدوار التخريبية إقليميا وتدير سجونا في اليمن تشبه غوانتانامو. وقبل ذلك تدير سجونا فظيعة على أراضيها يُزجُّ فيها بالناس بلا أدنى حقوق. وبفضل الأزمة التفت العالم إلى عورات المملكة، الكثيرة، وليس أبرزها فظاعات سلاح الجو السعودي بحق المدنيين والمنشآت (المنعدمة أصلا) في اليمن".

واوضح "أحد المعلّقين قال إن هؤلاء الناس لم يأت إليهم الربيع العربي فذهبوا إليه. والحال هذه، يصبح التساؤل مشروعا: مَن يخطط للسعودية دبلوماسيتها، ومن يقدم لها المشورة السياسية والقانونية؟

إذا كان لديهم مخططون خططوا، والنتيجة هي التي نرى، فتلك كارثة. إذا كان لهم مخططون ولم يخططوا فتلك كارثة أكبر. وإذا لم يكن لديهم مخططون فتلك كارثة أكبر مرتين".

وختم رباحي بالقول "الأهم: يصعب استيعاب أن يكون لدولة ما مخططون ومستشارون، ثم تقود نفسها إلى كل هذا الوحل". انتهى /خ.

اضف تعليق