تحت شعار الاعتدال "طريقنا نحوالسلم الاهلي والتقدم الحضاري" اختتمت، امس الخميس، فعاليات المؤتمر الوطني الاول الذي اقامته مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام بالتعاون مع مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة كربلاء بحضور ممثلين عن المراجع الدينية وشخصيات سياسية واكاديمية واعلامية واسعة وبمشاركة اكثر من ثمانين باحث وناشط مدني من عموم محافظات العراق.

المؤتمر نظمت فعالياته على مدار يومي 22-23اذار 2017،تناول ثلاث محاور اساسية لمفهوم "الاعتدال" عبر سلسلة من الجلسات المتواصلة والنقاشات الموضوعية المحايدة في كلا من الجوانب الدينية والسياسية اضافة للمحور الاجتماعي والثقافي.

 

وخرج المجتمعون في مؤتمر الاعتدال في الدين والسياسة، بتوصيات علمية ووطنية بحتة ركزت على ضرورة ان "يكون الاعتدال منهج للتوازن والوسطية، فيما استنكرت مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام ما تناقلته بعض وسائل الاعلام من تصريحات مفبركة هدفها تحريف اهداف المؤتمر الوطنية.

 

وختم المؤتمر اعماله ببيان ختامي اكد على ضرورة ان يكون الاعتدال منهج للتوازن  والاستواء من غير ميل نحو افراط اوجنوح نحوتفريط من غير تنازل عن حقوق وحريات محترمة اساسه احترام الاخر المختلف دينيا ومذهبيا وفكريا وقوميا دون احتكار للحقيقة المطلقة من قبل طرف ما على حساب طرف اخر.

 

واضاف البيان ان "الاعتدال يمثل حاجة سياسية ووطنية وانسانية وهو المنهج الصالح لأنفاذ الذات والاخر ومنعهما من السقوط في فخ الازمات والمخاطر المدمرة".

 

وركز البيان على ان "الانحراف عن منهج الاعتدال عن عدم تفعيل المشتركات الانسانية ما بين المذاهب والاديان والقوميات في العراق. ولا يمكن تعزيز هذا المنهج الا بالانطلاق من مقولة: ان الاخر اما اخ لك في الدين اوشريك لك في الخلق".

 

وشدد البيان بان"الانكفاء على الهويات الفرعية وانكار الهوية الوطنية الانسانية التي محورها المواطنة، يهدد استقرار العراق ويمنع خروجه من دائرة الخطر مما يحول دون ترسيخ مبدأ التعايش الذي يدعواليه منهج الاعتدال".

 

واكد البيان بان "لا يمكن ترسيخ الاعتدال الا بوجود مشروع سياسي معتدل تدعمه حكومة قوية تمتلك رؤية واضحة، تهيئ الاجواء المناسبة للتعددية وقبول الاخر في الخطاب الديني والسياسي، وتمنع التدخلات الخارجية بالشأن العراقي".

 

وختم البيان بالتركيز على ان "الاعتدال لا يمثل ثقافة فوقية تحملها النخبة فقط وانما هوثقافة شاملة ومنهج سلوك يستند الى بناء الفرد والمجتمع ابتداء من الاسرة مرورا بالمؤسسات التربوية والتعليمية، وصولا الى مؤسسات صنع القرار العليا. لذا تتطلب مرحلة ما بعد داعش ايجاد السبل والاليات المناسبة لتحقيق مصالحة مجتمعية حقيقية مبنية على منهج ومشروع سياسي معتدل، يبدأ ببناء الفرد وينتهي ببناء الدولة".

 

وفي ذلك الاطار توصل المشاركون في المؤتمر الى جملة من التوصيات المهمة تركزت على ضرورة دعوة المؤسسات الدينية، كالمرجعيات الرشيدة ودواوين الاوقاف وغيرها من المؤسسات ذات العلاقة الى اصلاح الخطاب الديني من خلال مراجعة الروايات والنصوص التاريخية، التي تؤسس للفكر المتطرف ووضع قواعد تنظم عمل الأئمة والخطباء ليكونوا معتدلين في اطروحاتهم ومواعظهم التي تقام من على المنابر.

 

وتناولت تلك التوصيات ايضاً رفض المحاصصة الطائفية والدينية والعرقية لأنها المسؤولة عن اراقة دماء العراقيين وتعطيل بناء مؤسساتهم وتشويه مشروعهم السياسي الديمقراطي اضافة الى التنوع من سنن الحياة والعراق بلد متعدد الاديان والمذاهب والطوائف والقوميات ولا يمكن لأي جهة سياسية ادارة البلد لوحدها، بل لابد من اشتراك الجميع في حكم العراق على اساس مبدأ المواطنة الفعالة والحكم الرشيد.

فيما اجمع المؤتمرون في توصياتهم بضرورة ان" يشكل الانفتاح بين العراقيين: ساسة ومحكومين على بعضهم البعض ضرورة وطنية لحل الازمات وتقريب وجهات النظر والالتقاء على قواسم مشتركة اساسها المصلحة العليا للبلد.

 

وشددوا على ان "التطرف والارهاب لم يولد من فراغ بل نتاج لعدد اسباب سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وتاريخية اوجدته، ولا يمكن هزيمة الارهاب وترسيخ منهج الاعتدال الا بتشخيص تلك الاسباب ومعالجتها بشكل موضوعي".

 

داعين بان تكون الجامعات حرما امنا مستقلا، يحظى بالقبول والمصداقية من الجميع، لذا هي مطالبة بأن تكون لها كلمتها في ارساء منهج الاعتدال وتحويله من فكرة نظرية الى حقيقة واقعية على الارض.

 

مطالبين: المؤسسات الاعلامية والتربوية والتعليمية والثقافية في العراق بتحمل مسؤوليتها التاريخية في ترسيخ منهج الاعتدال عبر وسائلها وادواتها المختلفة.

واتفق المجتمعون في مؤتمر "الاعتدال في الدين والسياسة " على ضرورة الخروج من الصورة النمطية للمؤتمرات وتحويل مؤتمر كربلاء الوطني الى منطلق عملي للسلم الاهلي والاجتماعي والنهوض الحضاري للعراق عبر الدعوة الى اقامة سلسلة مؤتمرات مستقبلية مكملة لهذا المؤتمر تعقد بصورة دورية في مختلف مناطق العراق هدفها توضيح منهج الاعتدال وتحديد الاليات المناسبة لترسيخه في الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية العراقية.

 

مشددين على تشكيل لجنة خاصة من بعض الشخصيات المشاركة في المؤتمر مهمتها وضع صياغات عملية لما توصل اليه المؤتمرون من اجل رفعها الى صانع القرار السياسي العراقي، ويكون مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة كربلاء هوالجهة المتابعة لأعمال هذه اللجنة.

 

وختم المؤتمرون توصياتهم ومطالباتهم بتشكيل وفد من المشاركين في المؤتمر لمقابلة الرئاسات الثلاثة والمرجعيات والمؤسسات الدينية، بغية عرض نتائجه عليها وبيان الظرف الخطير الذي تمر به الدولة العراقية بسبب غياب منهج الاعتدال في الخطاب والسلوك.

 

 الى ذلك استنكرت مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام ما تناقلته بعض وسائل الاعلام من تصريحات غير مسؤولة لقيادات مشاركة في المؤتمر عادة ذلك تقويض لتحريف اهداف المؤتمر الوطنية.

 

وقال مدير مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام الكاتب الصحفي علي الطالقاني بأن "مؤتمرنا نظم من أجل التأكيد على أهمية الاعتدال كمنهج في الحياة وتحديد الاهداف الوطنية".

 

وأضاف الطالقاني أن "المؤسسة دأبت على إقامة المحافل والندوات منذ سنوات ايماناً بدور تلك في ترسيخ الثقافة الوطنية الواعية والتي من شأنها أن ترتقي بالأمة نحوالتقدم، كما أن المؤتمر يأتي في بتوقيت حساس بتاريخ العراق وهي الفترة الحرجة لمرحلة انتقاله من دائرة العنف التي سادت المرحلة الحالية متزامنة مع مرحلة تحرير الأراضي من قبل تنظيم داعش".

 

واستنكر الطالقاني ما تناقلته بعض وسائل الاعلام من تصريحات مفبركة لشخصيات سياسية مشاركة في المؤتمر تسعى لتحريف اهداف المؤتمر الوطنية معتبرها محاولة لخطف ما تحقق من نجاحات كبيرة لتضع هذا النجاح في اطار حزبي ضيق تحت شعارات براقة وهي تحاول الانتقام من جهات سياسية أخرى مستفيدة من وجودها في المؤتمر.

 

موكداً بأن "المؤتمر لم يناقش أي حديث حزبي اويتطرق لفكرة الإطاحة بالحكومة الحالية كما جاء في تلك التخرصات الاعلامية المفبركة حول إنهاء العمل بالحكومة الائتلافية، وتشكيل كابينة حكومية والمنسوبة لبعض المسؤولين المشاركين".

 

وشدد الطالقاني بأن "المؤسسة بكل افرادها وكالة النبأ وشبكة النبأ المعلوماتية وبقية الاقسام كان لهم الدور الوطني الواضح والكبير في انجاح المؤتمر بما سطره من معاني الاجتهاد والحرص والمثابرة من خلال جهودهم". انتهى/خ.

اضف تعليق