اكد المرجع الديني اية الله العظمى سماحة السيد صادق الشيرازي دام ظله ان حكومة عليّ بن أبي طالب عليه السلام خلت من الخطوط الحمراء سوى منع العنف وحمل السلاح ضدّ الناس.

وقال سماحته لأحد الإعلاميين من المواطنين المسيحيين من بلجيكا، وذلك في بيت سماحته المكرّم بمدينة قم المقدّسة: "كان عندنا في التاريخ، رجل اسمه عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه. وهذا الرجل حكم قبل ألف وأربعمائة سنة، حيث كانت الدنيا كلّها ديكتاتورية. وكان هذا الرجل رئيس حكومة في بلد إسلامي، وكانت حكومته أكبر حكومة على وجه الأرض، فقد امتدّت حكومته على الشرق الأوسط كلّه، وقسم من أوروبا وإلى عمق أفريقيا. وفي طول حكومته لم يكن عنده قتيل سياسي واحد، ولا سجين سياسي واحد، ولا منع حتى شخص واحد من الخروج على الدولة. وكان لا يستخدم السلاح إلاّ للدفاع، أيّ إذا تعرّض لهجوم مسلّح فقط. ولن يستخدم السلاح أبداً في الردّ على من هاجمه بسبّ أو بكلمة أو كلام اعتراض وما شابه ذلك. هذا أولاً".

مبينا "في العالم الحرّ اليوم، كبلجيكا وغيرها في أوروبا وأميركا، تقام المظاهرات الشعبية ضدّ الحكومة برخصة من الحكومة مسبقاً، ويجب على المتظاهرين أيضاً أن يعيّنوا مكان وتاريخ وشعارات المظاهرات، ولكن عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه كان يسمح بالمظاهرات السلمية ضدّه، بدون رخصة مسبقة، وبدون ملئ استمارة تعيين مكان وتاريخ وشعارات المظاهرات وغيرها".

من جهته قال الضيف البلجيكي: "في الغرب أحياناً يرفضون حتى إعطاء رخصة للمظاهرة".

وأضاف سماحته "بالتالي كان عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه يلبّي مطاليب المتظاهرين. وهذا ما كتبه حتى المسيحيون في كتبهم، ومنهم العالم المسيحي اللبناني جورج جرداق في كتابه (الإمام عليّ صوت العدالة الإنسانية)".

واوضح سماحته "في كل رقعة حكومة عليّ صلوات الله عليه لم يوجد شاب لم يتزوّج لأنه لا مال له، ولا بنت لم تتزوّج لأنها لا مال لها".

المرجع الشيرازي دام ظله اشار الى انه "في طول حكومة الإمام صلوات الله عليه لم يوجد شخص واحد استأجر داراً للسكنى، وهذا يعني ان كل الناس كانوا أصحاب بيوت. وكان استئجار البيوت خاصاً بالمسافرين الذين يأتون من خارج البلاد للإقامة المؤقتة فقط".

وذكر سماحته انه "في تاريخ حكومة عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه كانت الأراضي مباحة للجميع. فلم يبع علياً صلوات الله عليه شبراً واحداً للناس. بل أباح الأراضي للناس جميعاً، أي لمن يزرع ويبني ويسكن. واكتفى بجعل مسؤولين للمراقبة حتى لا يتعدّى أحد على أحد، فقط. فالإمام عليّ صلوات الله عليه لم يبع شبراً واحداً، بل كان يطبّق قانون الله تعالى، وهو: (الأرض لله ولمن عمّرها). فهو صلوات الله عليه أعلن انّ أي شخص يمكنه أن يأخذ ما يشاء مساحة من الأرض، شرط أن يعمّرها بسكن أو زراعة وغير ذلك، وكان يعطي ذلك بلا أخذ ثمن قبال الأرض".

لافتا الى انه "لا يوجد في تاريخ عليّ صلوات الله عليه، وتحت حكومته العريضة الواسعة أن شخصاً واحداً قال لم أنم ليلة واحدة خوفاً من الحاكم وهو عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه. وهناك نماذج كثيرة من هذا القبيل، فأرجو أن تقرأ هذه النماذج في التاريخ".

ثم وجّه سماحته سؤالاً للضيف، وقال: هل يوجد اليوم على وجه الأرض حكومة كهذه الحكومة، أي كحكومة عليّ صلوات الله عليه؟

فقال الضيف: باختصار أقول لكم، لا يوجد. وأقول لكم: في أوروبا الأمر يختلف، فالحكومات هي علمانية واشتراكية نوعاً ما، وتؤذي من يعارضها، بالتضييق عليه في العمل، لا بسجنه وما شابه ذلك.

وأضاف الضيف: كما أذكر لكم، أنه في مدينة أنتويربن ببلجيكا، يعيش الكثير من اليهود، وهؤلاء قسم منهم لا يؤيّدون الصهاينة، والآخر مع الصهاينة، فإذا أراد القسم الأول بجمع تبرّعات ومساعدات للفلسطينيين، يقوم القسم الآخر، أي الموافقين للصهاينة، بالضغط على الحكومة، وتقوم الأخيرة عبر الشرطة بمنع مثل هذه الأمور وإبطالها بسرعة. وهذا يعني أنه هناك خطوط حمر.

وأردف الضيف: وحول الخطوط الحمر، أذكر لكم مثالاً آخراً، وهو أنه في أوروبا ترى الثروات بيد عشرة بالمائة من الناس، وفي هذه العشرة بالمائة مجموعة من اليهود الصهاينة. وأي شخص يتعرّض لهم فسيتهمونه بأنه محارب لليهود، ولكن لا يعتقلونه، بل يسبّبون له المشاكل الكثيرة.

وقال سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: أنا أقول لكم شيئاً واحداً وهو: خدمة للإنسانية، وخدمة للضعفاء من البشر، قم أنت شخصياً، في كلامك ومقالاتك، بدعوة العالم إلى انتهاج منهاج عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه، حتى لا يكون في مستقبل التاريخ في الحكومات ولا حتى خط أحمر واحد, بل يكون الخط الأحمر الوحيد هو حمل السلاح أو استخدامه ضد الآخرين، فقط.

فقال الضيف البلجيكي: مع الأسف، أقول لكم، أنه في أوروبا هناك خطوط حمر في الإعلام، أيضاً. فأنا لست مطلق اليد لكي أبيّن آرائي. ومثالاً على ذلك، أذكر لكم أنه عندما أردت أن أكتب حول الحرب على سوريا، قالوا لي هناك خطوط ونقاط حمر، وأنت تريد مخالفة فكرنا الأساسي. ولذا لم يسمحوا لي بنشر أفكاري.

كما أن الناس في الغرب تعرّضوا ويتعرّضون لعمليات غسيل الدماغ. ومن ذلك انّ الإعلام هناك لا يطلق المسميات الحقيقية على البلدان، كسوريا وإيران مثلاً، بل ينعتهما بأنها محور الشرّ. وهذا ما ذكرته أنا لوكالة (بي بي سي) ولوكالة (فرانس برس) ولوكالات أخرى. وكذلك عندما يتحدّثون عن الحرب في سوريا، يستخدمون مثل هذه المسمّيات: جيش بشّار الأسد، ولا يقولوا الجيش السوري، وهكذا.

في ختام هذه الزيارة قال سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، للضيف: بمقدار ما تتمكّن لا تقصّر في انتشال الإنسانية من كل هذه المشكلات. وأنا أودّعك شاكراً. انتهى/خ.

اضف تعليق