كيرونا (السويد) (أ ف ب) - نشأت مدينة كيرونا الواقعة في اقصى شمال السويد والتي تعد 18 الف نسمة، بفضل منجم للحديد الا ان استغلاله يجعل التربة غير ثابتة ما يحتم نقل وسط المدينة الى موقع آخر في اكبر عملية من نوعها في العالم.

وتضم هذه المدينة القريبة من القطب الشمالي التي يستمر الليل القطبي فيها 27 يوما ويمتد شتاؤها على اكثر من نصف السنة، اكبر منجم للحديد تحت الارض في العالم.

وقال برور بوداس البالغ 79 عاما والذي يعيش في حي غروفوغن المعروف بمنجمه "اننا لطالما اعتشنا من المنجم وسنستمر في ذلك".

النصف السفلي من الشارع آيل الى الزوال، شأنه في ذلك شأن عشرات الشوارع الأخرى. السبب ببساطة هو انه كلما واصلت شركة "ال كاي ايه بي" السويدية للمناجم الحفر لاستغلال شريط بعرض اربعة كيلومترات ويضرب عمقه نحو باطن الارض، تصبح التربة في الجهة العليا اقل ثباتا.

ويقوم عمال المناجم حاليا بأعمال الحفر من ورشة واقعة على عمق 1045 مترا تحت الارض. كذلك يعمد عمال اخرون الى الحفر وتجهيز ورشة جديدة على عمق 1365 مترا تحت الارض من المتوقع البدء بتشغيلها في 2017.

هذا النشاط المكثف تحت الارض والذي يتسبب بتصدعات في الجوف سيرغم السلطات على نقل موقع وسط المدينة الى مكان آخر. إذ ان حوالى 6200 شخص من سكان كيرونا يعيشون في "منطقة الخطر" المهددة بالتصدعات، كذلك الأمر بالنسبة للقسم الاكبر من المحال التجارية والادارات الرسمية في المدينة، ما يدفع الى تحويل المنطقة الى متنزهات.

هذا المشروع الضخم يتخذ ابعادا غير مسبوقة. فقد عمدت المانيا الشرقية سابقا وبعدها المانيا الى ازالة قرى لمصلحة مناجم لاستخراج الفحم الاسمر (ليغنيت)، وفي تشيلي تحولت تشوكويكاماتا الى مدينة مهجورة بسبب قربها الكبير من اكبر منجم للنحاس في العالم لكن من دون تدميرها. لكنها المرة الاولى التي يصار فيها الى محو وسط مدينة بالكامل كما الحال بالنسبة لكيرونا.

وأوضح المساعد الثاني لرئيس بلدية كيرونا ستيفان سيدبرغ ان "المدينة لن تنهار بالكامل فجأة. لكن ستحصل تشوهات وعيوب في التربة ما قد يؤدي الى التواء في الامدادات وتفسخ في المباني".

وقد أعلمت "ال كاي ايه بي" البلدية بهذا الوضع سنة 2003. ومنذ 2009، بات موقع "كيرونا الجديدة" معروفا واختير ليكون بعيدا عن المناجم وطرقات هجرة حيوانات الرنة.

وفي 2019 مبدئيا، ستنتقل كل المتاجر في الوقت عينه الى الوسط الجديد للمدينة.

لكن قبل اقل من خمسة اعوام على هذا الاستحقاق، لم تنطلق بعد ورشة بناء الوسط المدينة الجديد. فالموقع المختار الواقع على بعد اربعة كيلومترات من الوسط الحالي، لا يزال غابة يصعب تصور تحولها قريبا الى موقع ينشط فيه مئات عمال البناء.

وصرح سيدبرغ "درجت العادة هنا على القول ان هذا الانتقال يجب ان يبدأ في يوم جمعة وينتهي الاثنين. يجب ان يكون وسط المدينة بحالة نشاط بلا توقف بالنسبة للسكان".

لكن ليندا بيرسون قالت "لست متأكدة من ان هذا الامر ممكن". وتعمل بيرسون في "كيرونا اوبتك" وهو من أقرب المتاجر الى المنجم.

وتقدر كلفة مشروع نقل موقع وسط المدينة بمبلغ يراوح بين 15 و30 مليار كورونة سويدية (1,75 الى 3,5 مليار دولار). ويتعين على الشركة المشغلة للمناجم دفع القسم الاكبر من القيمة بفضل عائدات الحديد الذي تتحسن نوعيته كلما ازداد موقع الحفر عمقا داخل المنجم.

وأشارت ماريت اولوفسون الموظفة في شركة "ال كاي ايه بي" خلال مرافقتها زيارة الى موقع على عمق 540 مترا تحت الارض تحول الى معرض "قمنا بالحفر وصولا الى عمق 2000 متر ولا نزال نعثر على الحديد. لا نعرف ماذا يوجد على عمق اكبر لكننا نعلم ان الكميات المتوافرة راهنا تكفي لاستغلال المنجم لمئة سنة على الاقل".

وحالما يتم الانتهاء من تشييد وسط المدينة، ستأخذ عملية الانتقال عقودا عدة اذ انها ستحصل على التوالي لكل حي بحيه. حتى ان الجوهرة المعمارية للمدينة وهي كنيستها الخشبية، ستفكك بالكامل وسيعاد تركيبها في ثلاثينات القرن الحالي.

 

اضف تعليق